اليسار العالمي ومسألة العنف الديني
سعيد ناشيد
2019/02/25
لا بأس أن نبدأ بسؤال البدء: ما اليسار؟ عندما نتكلم عن اليسار قد يغمرنا شعور مضلل بأننا نعرف حقّ المعرفة عن ماذا نتكلم. لكن، ما إن يسألنا أحدهم ما اليسار؟ حتى نجد أنفسنا عاجزين عن تقديم إجابة وافية في عبارة واضحة. دعنا نقول بأسلوب يستلهم إحدى مقولات النفري: هنا تتّسع الرّؤية وتضيق العبارة. ما يعني أنّ اليسار نعرفه عندما نتكلم عنه، نعرفه عندما نتكلم باسمه، نعرفه عندما نغضب عليه، نعرفه عندما نرضى عنه، نعرفه في كل أحوالنا، نعرفه في كل أحواله، نعرفه بالتمام، لكن، شريطة ألاّ يسألنا أحد ما اليسار؟
صعوبة تعريف الموضوع تعني أنّنا أمام موضوع يتسم بقدر عال من التعقيد. لكن السؤال، هل هناك من موضوع لا يتسم بالتعقيد؟ على الأرجح ستكون الإجابة لا. غير أن من سمات اليسار العالمي، وبهذا نحصل على سمة واحدة على الأقل من سمات اليسار، أنه يُجدد تصوراته ومفاهيمه بنحو دائم ومستمر. وبالطبع، فنحن واعون بأنّ كلامنا لا ينطبق بالضرورة على اليسار المحلي في مجتمعات القدامة السياسية، والذي لم يفلح في التحرّر من مؤثرات ثقافة القدامة. لذلك، سنتكلم عن اليسار ضمن الأفق الكوني.
في واقع الحال من الصعوبة بمكان صياغة تعريف قطعيّ لليسار؛ طالما أن انخراط اليسار في أوروبا الغربية والولايات المتحدة الأميركية ضمن جهود مقاومة وتفكيك المنظومات الفكرية الشمولية (النازية، الفاشية، الستالينية) قد جعلته أكثر مرونة وأكثر انفتاحاً. إن اليسار في أفقه الكوني اليوم يبقى أبعد ما يكون عن تشكيل منظومة موحدة ومغلقة، وذلك لاعتبارين اثنين على الأقل:
أوّلا من حيث المرجعية: لم يعد ماركس يمثل المرجعية النصية الأساسية لليسار العالمي، بل أضيف فلاسفة آخرون، على رأسهم فيلسوف لا علاقة له بالماركسية ولا بالاشتراكية ولا بالشيوعية، نقصد به الفيلسوف الألماني الكبير نيتشه. وبصرف النظر عن مفهوم اليسار النيتشوي، والذي يتداول داخل نطاق الفلسفة السياسية اليوم، فقد نجحت المفاهيم النيتشوية إلى حد بعيد في اختراق المنظومة اليسارية، من خلال استراتيجيات النقد الثقافي وتفكيك القيم واستحضار قيمة الحياة كإرادة وقوة واندفاع حيوي. لا يقف الأمر عند هذا الحد، بل هناك من اليساريين من بات يستحضر كانط في مواجهة المنحى التشييئي والتسليعي للإنسان. وثمة أيضا فرصة سانحة لاستحضار أفلاطون وفق تأويل فيلسوف يساري كبير هو آلان باديو، والذي استطاع في كتابه جمهورية أفلاطون، أن يجعل من أفلاطون مرجعا ضمن مرجعيات اليسار العالمي. بالموازاة، لم يعد اليسار العالمي يتوجس من مفاهيم التعدد والتنوع والاختلاف، مثلما كان الأمر قبل منتصف القرن العشرين. وبهذا النحو يمكننا أن نلاحظ كيف اتجهت مرجعية اليسار إلى نوع من الانفتاح الفكري والتنوع المرجعي.
ثانياً من حيث الفئة التي يدافع عنها اليسار: هنا أيضا حدث نوع من الانفتاح على مفاهيم التنوع والتعدد والاختلاف. إذ لم يعد الشعب، أو الطبقة العاملة، أو البروليتاريا، أو تحالف العمال والفلاحين، الفئة المحورية والمتجانسة بالنسبة لنضال اليسار، بل دخلت محاور جديدة على الخط، ضمنها: أ- الأقليات بكل أنواعها الدينية واللغوية والجنسية.
ب- الحريات الفردية بكل أبعادها الفكرية والاجتماعية والجنسية.
ج- الإيكولوجيا بمختلف مضامينها وأبعادها.
هكذا، بوسعنا أن نعتبر اليسار اليوم أقرب إلى ورشة مفتوحة للنقاش وتطوير مفاهيم الحداثة السياسية. وبالفعل، لن نجانب الصواب إذا اعتبرنا الحداثة السياسية نفسها لم تتطور إلا بفضل جهود اليسار. إن اليسار هو الإطار المرجعي لنشأة كل من الحركة النسائية والحركة البيئية وحركة العولمة البديلة، بل لن نبالغ إذا قلنا إن اليسار الجذري نفسه هو الإطار المرجعي الذي أفرز الجيل الأخير لحقوق الإنسان.
بناء عليه، طبيعي أن نلتفت إلى اليسار عندما نطرح الأسئلة المصيرية. وهذا ما سنفعله ونحن نحاول أن نتبيّن موقف اليسار من مسألة العنف الديني.
لربما لا يسع المقام الآن لاستحضار أهم الكتابات اليسارية حول مسألة العنف الديني، لكننا نستطيع أن نستنتج في آخر التحليل بأن الموقف اليساري من العنف الديني هو امتداد لموقف الماركسيين الكلاسيكيين من الدين: الدين ثمرة اختلالات اجتماعية يجب علينا أن نعالجها حتى تنتهي المسألة. وأما عندما تفاقم العنف الديني مؤخراً فقد حافظ الكثير من اليساريين العالميين على نفس الفرضية: تفاقم العنف الديني ثمرة تفاقم الاختلالات الاجتماعية بسبب الرأسمالية والإمبريالية. المشكلة أن هذا الفرضية تقودنا إلى ثلاثة مستويات من تبرير العنف الديني:
المستوى الأول: العنف الديني رد فعل عرضي على عنف أصلي هو عنف الرأسمالية والإمبريالية، لكننا نعتبر العنف العرضي حليفا ممكنا في مواجهة العنف الأصلي (مقاربة ثيري ميسان).
المستوى الثاني: العنف الديني رد فعل عرضي على عنف أصلي هو عنف الرأسمالية والإمبريالية، لكننا نحارب بالأولى العنف الأصلي دون أن نعتبر العنف الفرعي حليفا (مقاربة بودريار).
المستوى الثالث: العنف الديني رد فعل عرضي على عنف أصلي هو عنف الرأسمالية والامبريالية، لكننا نقاومهما معاً ولا نعتبر أيا منهما حليفا لنا ضدّ الآخر (مقاربة طارق علي، جلبير الأشقر وسمير أمين).
رغم أنّ المستوى الثالث من التفسير، الذي يمثله أمثال طارق علي وجلبير الأشقر وسمير أمين، يبقى الأكثر توازناً، وهذا لا ننكره بأي حال، إلاّ أنّ المسلمة الأساسية والمشتركة بين كل هذه المستويات أن العنف الديني مجرّد رد فعل على عنف أصلي هو عنف الرأسمالية والإمبريالية، أو عنف العولمة الرأسمالية. وهي فرضية تحتاج إلى جهد تقويضي. ومرة أخرى نتوقع أن يكون اليسار هو الأكثر فاعلية في هذا الجهد.
إن كل عنف نعتبره اليوم عنفا فرعيا، أي مجرّد رد فعل على عنف أصلي، سرعان ما سيصبح عنفا أصليا بالنسبة للعنف الذي سيأتي لكي يردّ عليه. ولكي نخرج من هذه الحلقة المفرغة يجب أن نعتبر كل عنف بمثابة عنف أصلي بصرف النظر عن نواياه. وهناك اعتبار آخر:
العنف كيفما كانت أحواله وأهواله، فإنه صادر عن ذوات عاقلة لها حرية القرار ومسؤولية الاختيار. ذلك أن الذات العاقلة بمثابة وجود في ذاته بالمعنى الكانطي، أي أنها ليست وسيلة لأي غاية أخرى. إن الذات تبقى ذاتا ولا يمكننا أن نجعلها موضوعا بأي حال من الأحوال. بهذا المعنى أؤكد مرة أخرى، يجب أن نعتبر كل عنف بمثابة عنف أصلي طالما أنه صادر عن ذوات عاقلة وليس صادرا عن موجودات. داخل الطبيعة نتحدث عن قانون الضرورة، حيث لكل فعل رد فعل، لكن داخل المجتمع نتحدث عن قانون الواجب، حيث بين الفعل ورد الفعل هناك مسافة واسعة تضم الإرادة والرغبة والإدراك والتأويل والحرية والمسؤولية… أي الإنسان العاقل.
مشاريع صغيرة ذات مغزى في إطار العلاقات الحميمية بين الشعبين المغربي والفرنسي
تتميز روابط التعاون والتآزر القائمة بين المغرب وفرنسا بتعدد المتدخلين لتشمل القائمين على الجمعيات والنوادي من مختلف المدن والنواحي٠ويتم هذا التعاون اما عن طريق التوأمة أو غيرها ، وترقى أحيانا الى مرتبة الحميمية لما نسجه التاريخ من الروابط بين الشعبين المغربي والفرنسي ٠ وكثيرا ما يثمر مشاريع ومنجزات يتم إنجازها حسب الحاجيات والظروف والاحوال وخارج نطاق الاتفاقيات المبرمة على الصعيد الرسمي ٠ وحتى وإن كانت تبدو صغيرة من حيث الحجم، فانها تعتبر ذات مغزى عميق وتقدم مثالا لما يمكن ان تصل أليه العلاقات الحميمية بين المغاربة والفرنسيين
فلنعرج إذن على احدى القرى الواقعة في الطريق الرابطة بين مراكش وورززات لنرى ما يمكن اعتباره كإحدى ثمرات تلك العلاقات ٠ فهذه القريةالواقعة في سفح الجبل وعلى بعد ٦٥كيلوميتر من مراكش ستشهد يوم ١٩مارس حفل تدشين مدرسة للتعليم الأولي تكفلت احدى النوادي الفرنسية بتشييدها لتستقبل أطفال قرية أوكوك ( أو أوغوغ ) ولنساهم في محاربة الأمية ، وتتكون المدرسة من قسمين ومكتبة وقاعة لتعلم استعمال وسائل الاتصال الإلكترونية بالإضافة الى المرافق الصحية ، وتكفل النادي الفرنسي بتوفير ما تتطلبه المدرسة من تجهيزات
ويستعد سكان قرية أوكوك التي تضم حوالي أربعين أسرة لاستقبال الوفد الفرنسي القادم من مدينة فوجير بمنطقة لابروطانيه والمتكون من عشرين عضوا ينتمون لنادي الروتاري الذي تكفل أعضاؤه بنفقات تشييد المدرسة ٠ ولقد ساهم في إنجاز المشروع رجال السلطة المحلية في جماعة تواما بما قدموه من تسهيلات ادارية وغيرها ، ومن المنتظر أن يحضر حفل تدشين المدرسة ممثلون عنهم ليستقبلوا الوفد الفرنسي وليشكروا أعضاءه على كرمهم وأريحيتهم ازاء أبناء المنطقة ، كما سيحضر الحفل أعضاء من نادي الروتاري بالدار البيضاء برئاسة السيد كمال الجعايدي ،وأيضا أعضاء من نفس النادي بمدينة مراكش برئاسة المهندس جلال زمامة الذي ساهم في المشروع بإعداد التصاميم والإشراف على الإنجاز
هذا ونظر للمستوى الرفيع للوفد الفرنسي المتكون من عشرين عضوا فسيكون من المهم ان تتفضل السلطات المحلية فتعمل. على تعبيد الطريق المؤدية الى القرية والتي لا يتعدى طولها ثلاث كيلومترات ،ولك لإظهار الأهمية والعناية التي توليها السلطات لسكان المنطقة
مراكش 21 فبراير 2019
عبد السلام البوسرغيني
الفاتحي: المساعدات الممنوحة للمغرب إضعاف لأطروحة الانفصال في المغرب
يوسف شلابي
أشاد عبد الفتاح الفاتحي، خبير في نزاع الصحراء والشؤون الإفريقية، بالموقف الأمريكي المتخذ من قبل مجلسي الكونغريس وصادق عليه الرئيس دونالد ترامب، الجمعة بالنسبة لقانون الميزانية الأمريكية لسنة 2019.
وقال المتحدث في اتصال مع "نيوبريس24" أن هذا القرار يشكل انتصارا للمغرب وصفعة جديدة للجزائر ولـ"البوليساريو" اللذين كانا يمنيان النفس بأن يفصل القانون الذي تم توقيعه الصحراء عن المغرب.
وأضاف الفاتحي أن هذا التراكم من الاعتراف الوازن، ولأهميته يزيد من تقوية المقترح المغربي بمنح الصحراء حكما ذاتيا في إطار السيادة المغربية، مؤكدا أن ذلك سيكون حاضرا خلال المائدة المستديرة الثانية بجنيف لإيجاد تسوية سياسية.
وأوضح مدير مركز الصحراء وإفريقيا للدراسات الاستراتيجية، أن التصديق على ميزانية الولايات المتحدة الأمريكية لسنة 2019 والتي تتضمن المساعدات المالية الممنوحة للمغرب بكامل أقاليمه الترابية، يشكل تأكيدا للموقف الأمريكي السائر على نفس النهج دون تغييرات، رغم التخوفات التي أثارها تعيين جون بولتون مستشار الأمن القومي الأمريكي، الذي يوصف بالرجل الأقرب إلى الأطروحة الانفصالية.
وأضاف الفاتحي أن الموقف الأمريكي يأتي بعد نقاش أثير في وكالة التنمية الدولية التابعة للولايات الأمريكية للنمو الدولي عن استبعاد الصحراء عن أي عملية أو مساهمة أو مساعدة، وهو بند ضمن مشروع قرار اقترحته زعيمة الأغلبية الديموقراطية في الكونغرس، نانسي بيلوزي، في يناير الماضي مشروع يجب أن يصادق عليه مجلس الشيوخ والبيت الأبيض ولا يمكن أن يحل محل قانون .
وتابع المحلل السياسي، أن هذا التعاطي الأمريكي المعتاد جاء عقب إفشال مشروع قانون بالكونغرس الأمريكي ينص على الفصل بين المساعدات الموجهة للمغرب وتلك الموجهة للصحراء، ورافق هذا القرار تحركا دبلوماسيا قويا للجزائر والبوليساريو داخل مجلس الشيوخ الأمريكي لكسب تأييد المؤثرين في زمام السياسة الأمريكية الخارجية.
وإن فشل إصدار هذا القرار أعاد التأكيد على جودة وعراقة العلاقات المغربية الأمريكية، إذ لا أحد من المسؤولين السياسيين الأمريكيين باستطاعته اعتماد موقف يهدد الموقف المغربي في نزاع الصحراء، يورد الفاتحي.
وأضاف المحلل السياسي، أن هذا الاعتراف الأمريكي بانتماء الصحراء إلى التراب المغربي جاء أيضا عقب زيارة وفد دبلوماسي أمريكي إلى مدينة العيون والداخلة التقى فيها بممثلي السكان وجمعيات المجتمع المدني، وهو ما يؤشر أن القناعة الأمريكية بالسيادة المغربية مؤسساتية وبناء على مؤشرات تراعي احترام رأي سكان الصحراء المؤيدين للوحدة الوطنية المغربية.
وخلص الفاتحي إلى أن أهمية هذا القرار تتجلى في كونه يأتي بناء على إجماع مختلف السلط الأمريكية التنفيذية والتشريعية الأمريكيتين، ليكتمل هذا الإجماع بتصديق الرئيس الأمريكي دولاند ترامب، وفي ذلك تأكيد على أن أقاليم الصحراء مرتبطة سياسيا وترابيا وإدارية بالمغرب وهو ما تضمنه الفصل الثالث من الميزانية الأمريكية، والتي قضت باستخدام موارد المساعدة في الصحراء.
من جهته، قال نوفل البعمري، المحلل السياسي والباحث في شؤون الصحراء، في تصريح لجريدة "نيوبريس24" إن توقيع الرئيس ترامب على ميزانية 2019 مع تأكيده على أن المساعدات التي ستخصصها للصحراء ستمر عبر المغرب، هو تعبير عن موقف سياسي أكثر منه مالي أو اقتصادي، لأنه يعبر عن موقف رسمي للإدارة الأمريكية و نظرتها للأقاليم الصحراوية وعدم تعاطيها معها كإقليم منفصل عن المغرب بل جزء منه و من مؤسساته.
وأضاف البعمري " لذلك نحن أمام انتصار سياسي مغربي واضح ينضاف لسلسلة الانتصارات التي حققها المغرب مؤخرا، آخرها كذلك قرار مجلس السلم الإفريقي برفع يده عن ملف الصحراء على اعتبار أن الملف مناقشته السياسية تكون داخل الأمم المتحدة ومجلس الأمن اللذين لهما الاختصاص الحصري لمناقشة التلف واتخاذ القرارات فيه".
وأوضح البعمري أن قرار مجلس السلم والأمن هو قرار يدعم الشرعية ويدعم المسار الأممي الذي يتجه نحو إنهاء النزاع بمقاربة سياسية واقعية متمثلة في الحكم الذاتي.
رسالة صحفي من واشنطن إلى رئيس الحكومة في الرباط
توصلت "نيوريس24" برسالة مفتوحة من الصحفي المغربي حسن أبوعقيل، الذي يشتغل منذ سنوات بالديار الأمريكية، ونظرا لما تحمله من حسن ومن غيرة وطنية، أطلق عليها المغارب منذ القدم مصطلح "تامغربيت"، ونظرا لكونها تعكس وجهة نظر أحد المغاربة المقيمين في البلاد المهجر ممن يصرون على استمرارية ارتباطهم بالوطن الأم؛ فإننا نبلغها لمن يهمه الأمر من خلال هذا المنبر..
وقد استهل أبوعقيل رسالته بالتحية إلى السيد سعد الدين العثماني رئيس الحكومة الحالية، وبما يلي:
"أخص رسالتي هاته بيوم تنصيبكم على رأس الحكومة المغربية إلى اليوم , ولا علاقة بمن كان يجلس على كرسي رئاسة السلطة التنفيدية قبلك . فولايتك الآن هي الأهم ونقاشنا وانتقادنا ومتابعتنا لا تخرج عن البرنامج الحكومي الذي أعلنتم عنه أمام البرلمان بغرفتيه وأمام الشعب المغربي بمن فيهم مغاربة الخارج .
موافقتكم على رئاسة الحكومة وتشكيلها بوزراء من أحزاب لفظها الشعب يوم الاقتراع تأكيد على أنكم فقدتم ما كنتم تتحلون به من كرامة " مواطن سياسي " ودخلتم تحت لعبة أرادها مهندسوها أن تكون هي خارطة الطريق مغلفة باسم قواعد الديمقراطية وصمتكم يعتبر ولاء للإملاءات واستمراركم في قيادة الحكومة رغبة في الراتب الشهري والحوافز والتعويضات أملا في إكرامية لنهاية الخدمة حسب عرف من تعاقبوا على كرسي رئيس الوزراء " سابقا " أو رئيس الحكومة في دستور 2011 .
فإلى حدود هذه الكتابة المتواضعة أحسم أن برنامجكم الحكومي لم يتحقق فيه أي شيء، لم تحاربوا الفساد بل كرستم التستر على المفسدين، ولم تحاربوا الفقر بل استخدمتم كل الوسائل لتفقير الفقير.. فماذا عن مشاريع الحسيمة والمشاريع الكبرى التي تم تدشينها بحضور ملك البلاد، ماذا أعددتم لبرنامج التنمية الذي أعطى فيه الملك تعليماته وحددها في 3 أشهر؟ أليس في الحكومة حكماء يعالجون قضايا الوظيفة العمومية، فالاحتجاجات عمت كل القطاعات من شمال المملكة إلى ألأقاليم الجنوبية والسخط والصخب يتوسعان بشكل رهيب والناس تعيش على صفيح ساخن بكل ألم وإحباط ويأس فقتلتم بخطابكم المزدوج الأمل والغد المشرق فعلى يمينك شعب يريد أن يهاجر وعلى يسارك شعب يريد التغيير والتصحيح وأمامك شعب من الشباب يجهل المستقبل .
فهل القوانين الزجرية التي وضعتموها ووافق عليها نوابكم في الأغلبية تعد إنجازا ؟
وهل أجوبتكم على الأسئلة الشفوية أو الكتابية داخل البرلمان تعد إنجازا ؟
وهل خرجاتكم الإعلامية التي تتناقض مع الواقع المعاش والمعيش تعد إنجازا ؟
تأكد السيد رئيس الحكومة أن الشعب ضاق من كلمة " الحكومة " وشاط غضبا من كلمة " النخب " وأصبح يُستفز كلما سمع كلمة " أحزاب " ويُقهر عندما تتحدثون عن كلمة " انتخابات " ويخلص على أن الحكومة ليست صادقة ولم تتبنى يوما خدمة المصالح العليا للبلاد والعباد .
أستسمح إن قلت لك السيد رئيس الحكومة أن كلامك مردود عليك وأنت تتحدث عن الواقع الاجتماعي الاقتصادي والسياسي بعدم وجود الإحباط واليأس وأنك لا تشعر بذلك، فعلا لن تشعر بذلك ولا أنا إذا كنت في منصبك لكون الدفء ليس إلا راتب شهري سمين وحوافز واستقرار مالي بعد نهاية الخدمة تقاعد ومعاش إستثنائي فكيف ستشعر بالإحباط فلست كمن يستيقظ صباحا ويخرج راجلا ليبيع حذاءه من أجل أن يعيل أبناءه .
السيد رئيس الحكومة الأرملة التي تتقاضى 400 درهم معاشا لا تنام لكونها تفكر في أبنائها الصغار- أكلا وشربا - وتفكر كيف ستؤدي أجار البيت وكيف لها أن تعيل ابنا شاء تدبيركم أن يصبح " فراشا " يساعد أمه على الحياة فأين الأسواق النموذجية؟ أم الأسبقية عندكم في إنزال الهروات والعصي والهدم والترغيب والتحقير وتقارنون المغرب بالسويد أو أمريكا أو فرنسا أو أنجلترا... فموريتانيا الجارة في الجنوب لا تعيش هذه الويلات لا تعيش هذه النكبة ولا السكتة القلبية .
أين مغاربة الخارج من الفصول الدستورية ماذا أعددتم لهم حتى يعودوا للوطن ؟ أين البنية التحتية التي وجدوها في دول الإستقبال وأعني الاحترام وكرامة المواطن والدراسة في الجامعات بغض النظر عن الأعمار الأبواب مفتوحة للصغير والكبير المساعدات الإجتماعية بدون محسوبية ولا زبونية السكن اللائق وحرية الرأي والتعبير .
أين مغاربة الخارج من الوطنية والمواطنة الكاملة ؟ ما موقع اللجنة الوزارية التي تترأسونها السيد رئيس الحكومة ولم تستطيعوا تنزيل الفصول الدستورية أين مغاربة الخارج من التعيينات في المجالس الدستورية ولماذا تحرمون مغاربة الخارج من رئاسة مجالس الجهات تحت طائلة المادة 72 من القانون التنظيمي لجهات المملكة .إن هذا الفصل يؤكد عدم الإرادة والرغبة في مغاربة الخارج فلماذا تسمحون للأحزاب اختراقها ؟
السيد رئيس الحكومة أكتفي بهذه القطرات بمداد الحرية والاستقلالية لعل الله يفتح البصيرة وتراجعوا صفحات جلسات البرلمان وانتم في المعارضة حيث كسبتم أصوات الناس وتعلقوا بالأمل المنشود من أجل التصحيح والتغيير لكن مع الأسف الشديد نعيش المآسي بمرها وعلقمها وفقدنا فيكم الثقة وحلم التغيير وفاصل ونواصل".
حسن أبوعقيل – صحفي
ماذا يعني إبرام المغرب لاتفاقيات الصيد البحري من 1983 إلى 2019؟
انتصار ديبلوماسي وقانوني جديد على الأعداء الطامعين في الأراضي المغربية
عبد السلام البوسرغيني
" كل اتفاق لا يشمل الصحراء المغربية لا يمكن التفاوض بشأنه، ولا يمكن توقيع أي اتفاق إلا من طرف المملكة المغربية في إطار ممارستها لسيادتها على هذا الجزء من ترابها"، هذا هو الشرط الأساسي الذي طرحه دائما المسؤولون المغاربة في أي تفاوض أو محادثة بشأن أي اتفاق كيفما كان نوعه، وهو ما خضعت له المفاوضات التي أسفرت عن الاتفاق الفلاحي واتفاقية الصيد البحري الاخيرتين، طبعا حدث أن كانت هناك فترة قصيرة نسبيا ظل الإسبان يستغلون خلالها الثروات السمكية في شواطئنا الأطلسية، وكان ذلك استثناء اقتضته ظروف استثنائية عندما أبرمنا مع إسبانيا اتفاقية مدريد بتاريخ 14 نوفمبر 1975، إذ كان هناك تفاهم، أو لنقل اتفاق غير معلن يقضي بأن تظل شواطئ الأقاليم الصحراوية المسترجعة تحت تصرف إسبانيا تصطاد فيها بواخرها كما تشاء.
هذا ما استنتجته من حديثي مع المرحوم بنسالم الصميلي وزير الصيد البحري في صيف سنة 1983، وأعتقد أنه لو لم نمنحها هذا الامتياز لما تنازلت عن احتلالها لأراضينا في الصحراء الجنوبية، ويعزز هذا الافتراض إقدام الحكومة الإسبانية على الاحتجاج لدى الحكومة المغربية بعدما أعلن المغرب انضمامه إلى الميثاق الأممي للبحار إثر المصادقة عليه في الأمم المتحدة، فقد رأت مدريد أن هذا الانضمام سيحرمها مما اعتادت على استغلاله بدون مقابل، والواقع أن الميثاق يمنع التصرف في المنطقة الاقتصادية التي امتدت إليه سيادة الدول المتاخمة إلا بالاتفاق مع حكوماتها، ولا يحق لأي أحد استغلال ثروات المناطق الاقتصادية البحرية سواء كانت من السمك أو من المعادن إلا بموافقة أصحابها.
ذلك تاريخ لا بد من التذكير به ليدرك المرء الملابسات والخلفيات التي أحاطت بقضية استغلال الخيرات الطبيعية لشواطئ أقاليمنا الصحراوية؛ والآن وقد أبرمنا اتفاقية جديدة للصيد البحري لا بد من الإشارة إلى الظروف التي تم فيها التفاوض والتي تميزت بمعارك ديبلوماسية وقانونية، ليدرك المرء مغزى الصيغ التي استعملت لتبرير الوصول إلى إنهاء المشاكل، إذ الواقع أن المتفاوضين المغاربة والأوروبيين وجدوا أنفسهم أمام حكم صادر عن محكمة العدل الأوروبية يشير إلى استبعاد الأقاليم الصحراوية المغربية من أي اتفاق، فكان من اللازم الدخول في دهاليز التأويلات القانونية والسياسية للخروج بصيغة تتيح سريان الاتفاقات على كل التراب المغربي بما فيه الأقاليم الصحراوية ومما سهل الوصول إلى الصيغة المرجوة كون نفس المحكمة أصدرت في دجنبر 2016 حكما يعلن صراحة وبشكل قطعي أن لا حق للبوليساريو في تمثيل الساكنة الصحراوية، وبالتالي لا يقبل تمثيلها لإخواننا المحتجزين في صحراء تيندوف.
وفي هذه الحالة أصبح من حق الممثلين الإقليميين لساكنة الأقاليم الصحراوية أن يكونوا بالفعل الناطقين باسم منتخبيهم في إقليمي العيون الساقية الحمراء والداخلة وادي الذهب، وهذا ما حدث بالفعل إذ أدرجوا في المفاوضات مع الاتحاد الأروبي مثلما أدرجوا في محادثات المائدة المستديرة في جنيف.
وعلى كل حال فقد حقق المغرب انتصارا قانونيا وديبلوماسيا واقتصاديا لا يمكن الاستهانة بأهميته، بالنظر إلى ما تعرض له المغرب من ضغوطات وإكراهات متعددة، انتصرنا على أعدائنا وفرضنا إرادتنا في احترام سيادتنا على أراضينا ، ولا يضيرنا أن كان الأوروبيون يلحون على أن يشمل الانتفاع من خيرات الصحراء الطبيعية ساكنتها، إذ الواقع أننا كمسؤولين وطنيين أو إقليميين لم نكن في حاجة إلى من يعبر لنا من تلك الرغبة، لأن ما تخصصه الدولة للمشاريع النمائية في أقاليمنا الصحراوية تبدو نتائجه واضحة فيما تحقق وما سيتحقق إن شاء الله من مشاريع إنمائية ارتقت بتلك الأقاليم وبساكنتها إلى مراتب من الرقي ما جعلها مثالا يحتدى به، وإن من حقنا أن نعتبر أن ما تحقق من فوز اليوم انتصارا تاريخيا لا يقل عن الانتصارات السابقة، انطلاقا من اتفاقية مدريد في نوفمبر 1975 إلى أول اتفاقية للصيد البحري مع إسبانيا سنة 1983 والاتفاقية المبرمة مع الاتحاد الأروبي في مطلع هذه السنة سنة 2019.
رضى لغزايل مثال للشباب المتطلع الطموح
بقلم: عبد السلام البوسرغيني
الدارالبيضاء 10 فبراير. 2019
عندما يريد المرء أن يتحدث. عن أي مجتمع عليه أن يختار نماذج من الناس ويقدم مسار حياتهم لعلها تعكس جوانب من صورة ذلك المجتمع. ذلك ما تعلمناه في أبجدية مهنة الإعلام. المجتمع عندنا في المغرب ليس كله على الصورة التي تبرزها بعض وسائل الإعلام وهي تبرز تصرفات من شبوا على السلوك السيئ، وهم من حسن الحظ قليلون جدا ، وذلك أما لإهمال تربيتهم أو لان الوسط الذي نشأوا فيه موبوء وتنقصه التربية الحسنة، أو لأنهم انحرفوا نتيجة مرافقة السوء
النموذج الذي اخترت أن أقدمه وأتحدث عنه بعيد كل البعد عن مثل ذلك الصنف من الناس، أنه النموذج الذي يصح أن يقدم كمثال لفئة من شبابنا المتطلع والطموح الذي يسعى لكي يأخذ مكانة مرموقة في المجتمع وهو مقبل على الحياة مسلحا بالمعرفة وما تتطلبه الحياة من مدارك وعلوم. أريد أن أتحدث هنا عن الشاب رضى لغزايل الذي سينتمي بعد بضع سنوات إلى تلك الفئة من الشباب التي يضع أفرادها أنفسهم في خدمة المجتمع لكي يضمن له التمتع بالصحة عن طريق الوقاية من الأمراض وتوفير وسائل المعالجة
ينتمي هذا الشاب إلى أسرة نبيلة تحرص على أن تقدم للمجتمع أبناء اخذوا حظهم من الدراسة الى جانب الحرص على التشبث بقيم المجتمع المثلى من أخلاق فاضلة وتدين يتميز بالاعتدال السائد في مجتمعنا المغربي ٠فالشاب رضى هو وأخته سهيلة يوجدان في المراحل الأخيرة من دراسة الطب، ويعتزمان مواصلة الطريق نحو التخصص في أحد فروع الطب
لم يكن رضى في رفقة أفراد أسرته عندما التقيت بهم بالأمس ، إذ سافر رفقة فريقه الرياضي ليخوض مباراة في كرة السلة ، وهي الرياضة التي تلائم ميوله ، دون أن تجعله بعيدا عن تتبع تطور مختلف الرياضات وبالأخص كرة القدم كغيره من شباب هذا العصر ٠ وكم يحلو لي ان أتحدث مع هذا الشاب
كما أفعل مع غيره ، كلما التقيته لأكتشف من خلال تبادل الآراء معه ما يعتمل في أذهان الشباب المغربي وما يشغل تفكيرهم ، خصوصا أؤلئك الذين تنتظرهم مسؤولية الإسهام في النهوض بوطنهم بما اكتسبوه من علوم ومدارك وتكوين ٠ وكثيرا ما يجعلني ذلك أميل الى التفاؤل بمستقبل بلادنا
من خلال حديثي مع والد الشاب رضى لغزايل ، وهو من أقربائي بدا لي أن هذا الأب معتز بابنه وبكريمته أيضا لما حققاه معا من نجاح طوال حياتهما الدراسية ومطمئن عل ما ستكون عليه حياتهما المهنية ، وهما يجتهدان لإنهاء دراستهما الجامعية
يحلو لي احيانا أن أضيف (أل التعريف ) الى أسماء من أعزهم وأعتز بهم لكونها تعطي للمسمى المعنى الحقيقي الذي ينطبق عليهم ، كما تشير الى ذلك علوم اللغة العربية ، أي البيان والبديع ٠ ولذلك أنادي رضى باسمه مرفوقا ب ( ال التعريف ) فأقول له يا أيها الرضى لانه فعلا يحمل هذا الوصف الجميل، ولأنه يحرص ، كما بدا لي على كسب رضى والديه وبالتالي على سعادة الأسرة.
اليساريون..يحتفون بالأحياء منهم
كتب: عبد الرحيم ناصف
..هي مبادرة بألف من مبادرات أخرى كان هدفها تكريم وجوه و شخصيات أسدت كل شيء للفكرة اليسارية النبيلة التي كانت حلم جزء كبير من هذا الشعب،الفكرة التي استشهد من أجلها من استشهد،اعتقل من أجلها من اعتقل،..و عانى من أجلها من عانى بأوجه أخرى...
كانت جل المبادرات السابقة تهدف الى تكريم هذه الوجوه...بعد رحيلها.
الآن، بتاريخ 19 يناير 2019 بالجار البيضاء، يلتئم اليساريون ليحتفوا بوجه مازال حيا بيننا، إنه "محمد حجار" المناضل الطليعي، المناضل النقابي والمناضل الحقوقي ورجل التعليم..
"محمد حجار"... يساري ينتمي الى "المدرسة الاتحادية الأصيلة"، المدرسة التي عبرت محطات "رفاق الشهداء" و"الاتحاد الاشتراكي -اللجنة الادارية الوطنية"، ثم استقرت في سفينة "حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي"..
"محمد حجار"، الذي عبر هذه المحطات، ومعها أيضا عبر تجربة الاعتقال سنة 1984،..و محطات نضالية أخرى باسم التنظيم، باسم النقابة الوطنية للتعليم ،باسم الجمعية المغربية لحقوق الانسان...و باسم منتدى الحقيقة و الانصاف الذي كان أحد مؤسسيه.
كان لفيدرالية اليسار الديمقراطي بالحي الحسني- الدارالبيضاء، شرف احتضان هذا الحفل داخل فضاء "نادي الهمذاني لرجال التعليم" في القاعة التي تحمل اسم "قاعة محمد عابد الجابري"...
لم يكن الفيدراليون وحدهم هنا، كان النهج الديمقراطي وأعضاء أسسوا سابقا "حركة أمل"،كان تروتسكيون الاتحاديون وقدماء..
أيضا كانت هناك أسرة المحتفى به "محمد حجار" ،زوجته ،شقيقاته ..
أسرة اليسار في واحدة من لقاءاتها العائلية المتميزة وهي تحتفي بذاكرة مرحلة عصيبة من تاريخ هذا البلد ،استحضرت في كلماتها المختلفة مناقب المناضل ،شهادات قاربت العلاقة الانسانية التي تربطه بالناس ،بالمناضلين ،بالاختلاف ،بالاحترام..
كان للموسيقى و الفن حضورهما في الحفل..حضور أشعلته قصائد الزجال "عزيز بنسعد" و الشاعر توفيقي بلعيد....
من واجبنا أن نهنئ فيدرالية اليسار الديمقراطي على هذه المبادرة التي تحتفي بالأحياء ،تعيد الاعتبار لمن ظلوا دائما يوصفون ب"قادة الصف الثاني"،هؤلاء الذين يمتلكون رؤيتهم للتاريخ و حكاياتهم و ...أحلامهم الأخرى..
مبادرة تعيد الاعتبار للذين مازالوا بيننا يقاومون ،....دون يأس...
الأديان والخطأ البشري
بقلم: عائشة التاج
2019/01/14
من المسلم به أن الأديان ،كل الأديان تصوغ للإنسان خارطة طريق على الأرض بوسائل قد تصلح للملائكة لا البشر...
علما أنها تمتح تعاليمها وتشريعاتها من السماء لا من الأرض، مثل وقيم عليا قد لا يطالها حتى من يدعي الصون والحصانة بترسانة من القيم التي يفترض أنها تسيج غرائزه بأسيجة حديدية تثبت الوقائع المتواترة أنها أوهى من بيت العنكبوت، بل قد لا يطالها حتى الأنبياء أنفسهم إذ تسجل سير بعض الأنبياء سقوطهم في التناقضات بين ما يسنونه للآخرين وما يعيشونه هم أنفسهم وهم يواجهون تحديات أخلاقية كبرى أو صغرى بمقومات بشرية قد لا تختلف عن مقومات أي بشر حتى وإن اختلفوا مع عامة البشر بما حباهم الله من مهارات ضرورية لنشر "الرسالة "، وكم مرة يذكر هؤلاء الأنبياء أتباعهم بأنهم ليسوا إلا بشرا وألا كمال إلا لله وحده لاشريك له .
دروس كثيرة وعبر كبرى تزخر بها سير الأنبياء و عظماء السياسة أو العلم أو الحياة عموما، لمن يريد أن يقرأ التاريخ بعين مجردة خارج منطق الأساطير الذي تعتاش منها خيالات بشر يحتاج ترسانة من الأوهام تسير حياته على مسرح واقع يضج بالتحديات التي لا يسلم منها الإنسان ،أي إنسان .
لذاك يكون سقوط الدعاة الأدعياء مدويا وبالغ الإثارة وجاذبا للاهتمام وحتى السخرية والشماتة التي قد تخلو أحيانا من الرحمة والشفقة ...لأن من لا يرحم قد لا يرحم، عندما يحتاج الرحمة مثله مثل كل الناس وقت الشدة ، ذلك أن الدعاة أدعياء طهرانية قد لا تتوفر إلا للملائكة وهم يثرثرون بخطاباتهم "السماوية " ينسون أنهم على الأرض المنبسطة بأوحالها وحفرها ،بهضابها ومرتفعاتها ، بمنزلقاتها الكثيرة التي لا تثبت الأقدام فوقها دائما وفق التعاليم الدينية السامية والعليا كما يسمونها...وهم ينصحون غيرهم أو يصنفون غيرهم داخل قوالب تقييمية تخلو من النسبية أو يحكمون على غيرهم بدون رحمة ولا شفقة ينسون أنهم هم أيضا بشر قد يكونون ذات يوم في الضفة المقابلة حيث البشر الخطاؤون إذ لا يفلت أي إنسان مهما علا شأنه من أخطاء كبرى أو صغرى هي جزأ لا يتجزأ من تكوينه داخل سيرورة حياة تضج بالحياة المتدفقة بسيول أحداث ومشاعر ورغبات وسياقات قد لا نتحكم فيها دائما وفق ما ندعيه من قيم ومبادئ ومعتقدات وحتى من قوانين .
...يا سماسرة الله ،وأنتم تمتشقون سلاح الخطابات الدينية على لسان إله تجعلونه يبدو قاسيا وحانقا وحقودا، متجبرا وصارما ومتوعدا بالعقابات القصوى لمخلوقاته الضعيفة بتناقضاتها ومحدودية كمالها .. وأنتم تستثمرون في ترسانة المشاعر السلبية لدى مستمعيكم كالخوف من العقاب الإلهي بجهنم ومشتقاتها وتكبلون غرائزه ومعها مقوماته البشرية الأخرى بحبال الشعور بالذنب والرعب من الضغط الاجتماعي ،من توعدات الخالق وترصدات المخلوق لا تنسوا أنكم بهكذا اخلاق تحولون الناس كل الناس إلى جواسيس عن بعضها البعض، تترصد هفوات بعضها البعض ـ مبغاة لرضى خالق لم يكلف أحدا بهكذا مهمة لاأخلاقية حتى وإن ادعت الدفاع عن الأخلاق، لك أن الله عليم بذات الصدور ولا يحتاج إلى جواسيس للأخلاق ؟؟؟؟
يا "لصوص الله "كما سماكم المفكر عبد الرزاق الجبران لاتنسوا أنكم بشر، وكل البشر خطاؤون لعل الناس يتعاملون مع هفواتكم الإنسانية بنوع من الإنسانية...
اللهم ارحم ضعفنا فكلنا محتاجون للرحمة من بطش أعرافنا وقوانيننا البشرية التي تظل عاجزة على ضبط تدفقاتنا الإنسانية وهشاشاتنا اللامتناهية مهما بدت صارمة و شاملة و دقيقة ، فالتعاليم الدينية ، وحتى القوانين البشرية التي تمتح نصوصها ممن واقع حديث، مجرد بوصلة توجه معتقداتنا وسلوكاتنا داخل واقع مركب وبالغ التعقيد قد لا يجيب عن تنوع حاجياتنا النفسية أو الجسدية أو الاجتماعية أو حتى الروحية إلا قليلا قليلا...
فقليل من النسبية لعلكم تفلحون...
الفصل بين السياسية والدين في اليونان
بقلم فابيان بيريي ..جريدة ليبيراسيون الفرنسية عدد 11658 بتاريخ 22▪نونبر 2018
ترجمة لحسن بريم بتصرف
في اليونان...كان الطلاق عسيرا بين الدولة والكنيسة.
رغم الاتفاق الذي عقد بين رئيس الحكومة اليكسيس تسيبراس ورئيس الكنيسة الاورتودوكسية ، بتاريخ 6 نونبر الماضي، والذي يقضي بالانفصال بين الدولة اليونانية ودينها الرسمي ،وخاصة بالنسبة للمؤمنين به.
"إنها حرب مقدسة". هذا ما كتبته اليومية اليونانية AVGI...وهي في ملك حزب اليسار في الحكومة، حيث لخصت في صفحتها الأولى المعركة التي تحرك اليونان في هذا الوقت، حول الانفصال بين الكنيسة والدولة.
( مفارقة..) لقد بدأت هذه العملية باتفاق تاريخي بين رئيس الحكومة ورئيس الكنيسة الأورتودوكسية.. لكن الفصل الثالث من الدستور لسنة 1975، والذي صودق عليه بناء على الثلاثية المقدسة، يصرح:" أن الدين السائد في اليونان هو الدين الكنسي الأورتودوكسي الشرقي للسيد المسيح."" في هذا الاطار، فان الاتفاق يعتبر ثورة حقيقية .
يضم الاتفاق خطة من خمسة عشر نقطة، تروم منح الكنيسة مزيدا من الاستقلالية. وهكذا فإن أعضاء الكنيسة لن يبقوا موظفي الدولة ويتلقون أجورهم منها، بل بالعكس، بل سيصبحون خاضعين لصندوق خاص يدار بشكل مستقل من طرف الكنيسة، ويستقبل منحة تناهز 200 مليون أورو سنويا. هذا المبلغ يساوي كتلة الأجور الحالية للكنيسة. أما أملاكها فستتجمع داخل مؤسسة تدار من طرف الدولة والكنيسة. كما أنها ستستفيد من الإعفاء الضريبي على أملاكها الخاصة.
وأخيرا، فإن إليكسيس تسيبراس، الذي يعتبر أول رئيس حكومة يونانية أدلى بالقسم على شرفه، وليس على الإنجيل. ولم يمر صحبة حكومته أمام القس اليوناني؛ أقترح تعديل الدستور وإدخال مقولة ""دولة اليونان، دولة محايدة دينيا."".
إنها عملية ""رابح رابح"" بالنسبة للدولة والكنيسة معا، كما عبر عن ذلك البروفيسور في الفلسفة "سوتيريس ميتراليكسيس": والمتخصص في القضايا الدينية..حيث قال"" هذه العملية المتعلقة بالفصل بين الدولة والكنيسة، ستحل كثيرا من المشاكل العالقة، كأملاك الكنيسة المتنازع حولها مع الدولة، مند عشرات السنين.
يصرح المؤمنون المسيحيون بأن هذا الانفصال مؤلم. بالنسبة لهم، أن الاورتودوكسية جزء لا يتجزأ من الهوية الإغريقية.. إنها في قلب المجتمع. ويعتقدون أن الله سيعينهم على الرجوع إلى كنف الدولة.
داخل مؤسسة الكنيسة، هناك 73 من 82 رجل دين رفضوا هذا الاتفاق. ويعتبرونه أس من أسس الخلافات. وخاصة بالنسبة للقانون الأساسي للقساوسة.. لانه في اليونان يسمح لهم بالزواج ويكون لهم ابناء وعوائل. إنهم متخوفون كذلك من الآثار السلبية المحتملة على التغطية الاجتماعية والتقاعد. كل القساوسة يدينون المس الخطير بحق الشغل في تاريخ الحديث لليونان ..انه خط احمر، يتوعد القس "كربسوسطوموس" عبر القناة الشعبية الأكثر مشاهدة SKAI." انه من غير المعقول هذا التصرف الحكومي الحقير".
تتدخل السياسية هي الأخرى في هذا النقاش. الحزب المحافظ" الديمقراطية الجديدة" بارك الاتفاق وأدان كذلك استغلال رئاسة الكنيسة لأهداف انتخابوية من طرف "إليكسبس تسيبراس".
إن الاتفاق بحسب اليومية Efhnos ، تحول إلى "بطاطا حارة" في يدي الحكومة. "" لقد رمى رئيس الحكومة بفكرة اختبار، هو ليس باتفاق، ولكنه هو وعد باتفاق فقط. يهدف الى تهدئة الأطراف. السيد "سطافرووس سوبولاكسي"..رئيس المكتبة الوطنية. هذا المتخصص في الدراسات الثوراثية، يتوقع أن القساوسة القدامى سيحتفظون بقانونهم الأساسي السابق، أما الجدد، فإن الكنيسة هي من ستتكلف بتشغيلهم وبأجورهم . هذا الحل هو الحل الأمثل للأزمة التي تعيشها الكنيسة اليونانية.
في الحقيقة،. فإن اليونان يرتبك كلما حاولت أية حكومة أن تمس بالكنيسة . في سنة 1982، حاول رئيس حزب الاشتراكية الديمقراطية .أندرياس باباندريو. إزاحة بعض العقبات، بإدخال الزواج المدني للكنيسة.
وفي سنة 2000 انتفضت الكنيسة الأورتودوكسية ضد حذف خانة الدين في بطاقة الهوية. وفي سنة 2009 احتجت الكنيسة ضد "الديمقراطية الجديدة" عندما ألغى الحزب المحافظ إجبارية الدروس الدينية الأورتوكسية.
لكن في كل مرة. ورغم الاحتجاجات..فان التغيرات عادة ما تدخل أخيرا حيز التطبيق.
في هذه المرة، أليكسيس تسيبراس يمكنه أن يفتخر بأنه طبق شعارا رفعه خلال حملته الانتخابية. وبحسب استطلاعات الرأي فإن 55%من السكان على الأقل يباركون هذا الانجاز. القرار الأخير سيكون نهائيا خلال التصويت النهائي المقبل في البرلمان في الثلاث او أربعة أشهر القادمة..
أيمان الرامي Errami Imane تترصد ظواهر "جميلة العدالة"
سأعود لموضوع " جميلة العدالة" ، سيلاحظ المتتبع أنني غيرت " مفردة تيتيزة بالجميلة" حتى لا يقول بعض " الفهايمية بأنني استعملت مفهوما قدحيا رغم أن كلمة " تيتيزة" من معجم عام متداول بين كل المغاربة ( هذا على الهامش) ...
ما جعلني أعود إلى الموضوع هو " البلاغ " الذي صدر عن حزب العدالة والتنمية، والذي فعلا نتأسف لحاله، ونتأسف لكل المغاربة الذين وضعوا ثقتهم في هذا الحزب راجين منه إصدار بلاغات تهم العيش الكريم .. لكن غابت بلاغات انتظرها المنتخبون وحضرت بلاغات كلها لأجل تبرير نزوات وزراء ونواب لا نقول مكانهم سوى " لاحول ولاقوة إلا بالله" .. هذا أمر تعودنا عليه وأظن أن كل المغاربة ألفوا ذلك فمنذ الولاية الأولى لحكومة الإسلامين ونحن نشهد على بلاغات من هذا الفصيل .. فذلك لأجل تكذيب علاقة سمية ابن خلدون وزوجها الجديد الحبيب الشوباني ، وأخر لأجل " ناموسية" الأستاذ عمارة، وأخر لأجل " عشيقة يتيم" ، والحدث الاكبر طبعا كان قبلا مع الاساس الدعوي العلامة عمر بنحماد والاستاذة الفاضلة التي تعشق فعل الخير وتساعد إخوانها بما أمر الله - طبعا- على " القذف" أو للتخلص من الحويصلات المنوية المتكلسة ببويضاتهم وهلمجرا ...
أما بعد : بعد أن قدمنا نبذة موجزة عن أبرز انجازات أعضاء الحزب الحاكم فلنعد إلى موضوعنا :
عندما كتبت سابقا عن السيدة المذكورة ، لم تكن غايتي نقاش ما يسميه الإخوان " بالإعراض" علما بأن لا " عرض " في الموضوع فنحن نتكلم عن " نفاق" وبيع وشراء أي أننا نتكلم عن " تجار" يبيعون الوهم بتبنيهم لمرجعية وايديولوجية لا يحترمونها ، ما كنت أريد تبيانه هو " مكر دعاة أبناء دار الإسلام السياسي " ، فبعدما تأكدوا أن ابنتهم الشرعية بالفعل نزعت وشاح الوعظ بباريس قرب طاحونة الخمر والمجون ( وفقا لمرجعيتهم) و اختلت برجل زعم في إحدى تدويناته أنها صديقته " وهذا هو اليسار عينه "، بدون أن تدرك أن المرجعية الدينية لا يوجد فيها هامش لمعنى " الصداقة بين الرجل والمرأة ، بل هي قطعا ضد الخلوة لآن الثالث شيطان ، أخرجوا لنا صكا للغفران يبررون فيه " انحراف " ابنتهم بمبررات وحجج سمجة ..
الابنة البارة التي قالت في أحد أسئلتها الشفوية لوزير الأوقاف والشؤون الإسلامية بنبرة عربية تتسم بالغلظة الإسلامية : ما يحصل أيها الوزير لا يشرف المغرب والمغاربة ، هناك بعض الأشخاص ينادون بالمثلية الجنسية، وبالإفطار جهرا في رمضان تحت مبررات " الحرية الفردية".. أي حرية هذه سيدي الوزير نحن في دولة دينها الرسمي هو الإسلام وعلينا التشبث بمبادئ الإسلام وما أوصى به الله عز وجل ...
فالإسلام كما يظهر من خلال السؤال أعلاه عند الأخت هو الأحق بقيادة الدولة، ولا شك أن العقل الذي يتشبع بفكرة أن " الحريات الفردية بدعة وضلالة لن يطالبنا بمقاربة " حدث الردة لابنة الإخوان" ببراديغم " العرض والخصوصية والحرية الفردية" ، نعلم علم اليقين أن إخواننا ذوي المرجعية الاسلامية لن يسقطوا في هذا " الالتباس والازدواجية" وهم أهل الحكمة والتبصر والمنطق السليم..
د. عبد الله الشيخ
الكتابة الجمالية عموما و التشكيلية خصوصا لدى زهرة زيراوي هو الجسر الذي نتقاسم العبور عليه ... انها ، بمعنى اخر ، دورتنا الدموية التي تضخ الحياة الرمزية في شرايين وجودنا الاعتباري بكل جبهاته ونوافذه المتعددة.
تراها مكابرة تضمد جراحاتنا اليومية بأريحيتها الانسانية التي تسع للجميع ، رافضة لغات الاقصاء ، والمحو ، والمزايدات المغرضة المبطنة بالأحقاد والحسابات الضيقة . تراها ، أيضا تعزف على ايقاع السفر الباطني محتضنة أحلام فنانين رواد و آخرين من الجيل الصاعد في مختلف بقاع الوطن العربي بمختلف حدوده الجغرافية ـ أتذكر مؤلفيها المرجعيين " التشكيل في الوطن العربي : مقامات أولى ومقامات ثانية" .
أديبة أريبة ، فنانة تشكيلية مبدعة وإنسانة بامتياز . في حضرة كتاباتها الجمالية والعرفانية كما في حضرة بيتها الأسري بالدار البيضاء ـ بيتنا جميعا ـ نتعلم أبجديات الحوار التفاعلي ، وحقائق دبلوماسية القرب بمعانيها النبيلة بدون تكلف أو تصنع أو أقنعة . هكذا ، عرفت المبدعة المتبصرة والحكيمة زهرة زيراوي . انشغال دائم بقيم التراث والحداثة ، ومساءلة عميقة لجغرافيات الجمال الرمزي والروحي التي لا وطن لها بالمفهوم المجالي للكلمة . انها تمارس الكتابة بعين القلب بصفتها مجرى هواء ، فهي تعتبر التفكير عمل الروح وليس عمل اليد . هذا هو سر سلاسة أفكارها ولوحاتها التعبيرية وبساطتها الممتنعة . فما يشغل مخيلة زهرة زيراوي هو الفلسفة الجمالية ذات النزعة الانسانية . فهي تعتبر مدار اشتغالها هو الانسان كطاقة مفكرة ، وكروح وجدانية حرة ، راصدة تجليات الابداع المستقل في عدة مسارات لا ترتهن بالجنس ، أو بالسن ، أو بركام التجربة . وحده الابداع يسكنها ، ويحدد بوصلة اختياراتها الحدسية العميقة . ابداع بالتذكر لا بالمحو نصير معه متلقين من الدرجة الثانية .
زهرة زيراوي ، أم المبدعين بامتياز وحارسة همومهم الفكرية والجمالية ، ليست مجرد كاتبة أو باحثة في تاريخ الجماليات فحسب ، بل هي " مبدعة في الابداع " و " باحثة جمالية في الجماليات " . أليس الأمر شبيها ب " فن الفن " ، أو " فكر الفكر " .
الى جانب حسها التربوي واندفاعها الجمعوي المنساب ، تراها بتعبير الأديب صلاح الوديع تمارس " صلاة صامتة " على طريقة الناسكات المتعبدات في محراب زمننا الاسمنتي الذي يرثي موته اليومي باستمرار تحت شعارات التبضيع والتسليع .
في حضرة زهرة زيراوي نتماهى مع المقامات التشكيلية و النصوص القصصية والروائية الجميلة ، وننصت الى عوالم اللوحات النابضة بالحياة في إطار حفر عمودي ، وانشغال عرفاني بكل ما هو ثاو وباطني في التجارب قيد البحث والسؤال .
انها لا تمارس الكتابة و التشكيل معا بمعنى " الثقافة العالمة " ، والرصد التاريخي للمدارس والاتجاهات والأسماء ، بل ترقى بفكرنا الجمالي الى مستوى تأمل " شروط الابداع " و " شروط التفكير في الابداع " ، ناحتة مفاهيمها الخاصة عارضة رؤيتها المحايثة للأشياء والكائنات المحيطة بها حتى لا يظل الشح لثقافي المشترك على هامش المنظومة المعرفية الانسانية ، وحتى لا يصبح " هوية متوحشة " .
زهرة زيراوي فنانة تشكيلية و كاتبة من الدرجة الثانية ، لأنها ترتضي التفكير في بعده التركيبي والتحليلي معا موضوعا أثيرا للتفكير وللحوار اللامتناهي مع الهوامش والجغرافيات المنسية بإرادة المؤسسات القاتمة.
خارج كل وصاية أبوية واهية ، تمارس زهرة زيراوي شغب كتاباتها متعددة الأصوات كنفس انعكاسي يهجس بالبحث عن حفريات الحقائق المغيبة : حفريات مشرعة على العتبات والهوامش ، أي على ما هو جوهري وأساسي بعيدا عن الكليشيهات والتقليعات السائدة بقوة المال والسلطة. ما يشكل عمق مقامات زهرة زيراوي هو بحثها الدؤوب عن التجارب الخلافية ، راصدة بلغة العارفات كيفياتها ومقاصدها، ومخلخلة أفق تمثلاتنا البديهية لعوالم الابداع في الوطن العربي الممتد الخ .
لعمري ، إن نصوص زهرة زيراوي تمد عشاق الفن ببعض مفاتيح الجمال الروحي علها تسعفهم في الإبحار وسط محيطات بلا ضفاف بتعبير المفكر الوسائطي ريجيس دوبري. فالأديبة الحكيمة صاحبة ثقافة علمية وفنية عميقة ، وتتحلى بروح انسانية قل نظيرها لا نجد بعض معالمها الا في مأثورات الصوفيين ، وعشاق الحكمة والجمال من طينة جبران خليل جبران وغيره من سارقي نيران المحبة النورانية التي كتبتها يد من نور على صحيفة من نور. أليس الانسان شاعرا يسكن هذه الأرض بتعبير هولدرلين ؟
هكذا، ارتأت زهرة زيراوي أن تجعل من ورشة لوحاتها الرمزية و كتاباتها العميقة أقصد مقاماتها " مشتلا فكريا " يرخي السمع بالعين لنبضات التجارب بمختلف أجناسها ، وانتماءاتها العمرية ، هاجسها في ذلك هو خوض المغامرة الحية للفكر الذي يغير شاطئه في كل لحظة.
تحية لك ، أمنا زهرة ، لأنك لم تكتف بتقديم " المعلومات الضرورية " عن الفنانين المبدعين في إطار بيداغوجي مدرسي ، بل طرحت أسئلة وإشكاليات تهم ثقافة العين ، ومصير الجماليات البصرية في عالم يتحدث لغة العمارة الاسمنتية . تحية لك ، أيضا لأننا نتنفس هواء نقيا في ضيافة نصوصك الحوارية ، وننصت لعمق الذات ولحركاتها الصامتة. إنك تكتبين رهاناتنا الجمالية ، وتمارسين تجربة الكتابة في الإبداع والحياة معا . ما أروعك ، للازهرة ، فمقولك عطش و ارتواء ، فراغ وامتلاء . انه مصالحة لا مخاطرة .
من باب التذكير ، توفيت زهرة زيراوي يوم الاثنين 23 أكتوبر 2017 بالدار البيضاء، عن سن 77 عامًا، حيث جاء في نعي "اتحاد كتاب المغرب" أن الأديبة الراحلة عرفت بكتابة القصة والرواية والشعر والمقالة الأدبية، ولها في هذا الباب العديد من الإصدارات داخل المغرب وخارجه، كما عرفت بممارستها التشكيل، ولها مشاركات في العديد من المعارض الجماعية داخل المغرب وخارجه، عدا اهتمامها بكتابة النقد الفني . تخرجت الراحلة، في 1961، من دار المعلمين، وعيّنت أستاذة في مركز تكوين المعلمين في الدار البيضاء، حيث تحملت مسؤولية رئيسة ملتقى الفن. كما حصلت على شهادة الدكتوراه الفخرية عن الجمعية الدولية للمترجمين واللغويين العرب.
فضلًا عن كتاباتها العديدة، التي نجد بينها روايتها "الفردوس البعيد" ومجموعتها القصصية "نصف يوم يكفي"، فقد عرفت الراحلة بكونها جعلت بيتها صالونًا أدبيًا، منذ 1990، سخّرته لتنظيم اللقاءات والأنشطة المفتوحة وتنظيم الأماسي الشعرية، ولقاءات التكريم للأدباء و الفنانين التشكيليين والكتاب المغاربة ولغيرهم من المثقفين والكتاب العرب والأجانب، هي التي عرفت بطيبتها النادرة، وبكرمها الحاتمي، وبدعمها اللافت للأدباء الشباب، وأيضًا بدفاعها المستميت عن النبوغ المغربي .كما شاركت الأديبة الراحلة في العديد من المهرجانات الأدبية العربية والأوروبية، وعرفت، في السنوات الأخيرة، بنشاطها الثقافي المندرج في إطار الدبلوماسية الموازية .
*ناقد فني
في موضوع " تيتيزة " العدالة والتنمية ..
نشرت الباحثة في سلك الدكتوراه إيمان الرامي تدوينة (مقالة)على صفحتها بالفايسبوك تحت العنوان أعلاه تطرقت فيها لقضية من قضايا البوليميك السياسي، وهو صنف من الجدل الذي يساعد في بعض الأحيان على فهم ما خفي من الظواهر المتناقضة في السلوك السياسي، خصوصا عندما ترتبط شخوصها بتسيير الشأن العام.. أو ما يسمى في علم السياسة ب"البراكسيس": التطابق بين الخطاب والممارسة.
وبموافقتها تعيد "نيوبريس24"نشر هذه المقالة
بقلم: إيمان الرامي
خرج الكثير من المحسوبين عن " اليسار تعسفا" يبررون ويحاججون بكون المسألة هي حياة خاصة، والأمر فيه خصوصية الخ ..
بالفعل، ولا يختلف اثنان حول كون اللباس ومختلف طرق الحياة خصوصية وحرية فردية ووو، لكن غاب عن هؤلاء السياق الذي تكون فيه هذه الأمور عبارة عن حرية وشأن شخصي ..
لنوضح :
هذه التفاصيل تكون " بخاصة" عندما يكون فاعلها " ضارب طم" وساد فمو" ويعيش كما يحلو له ويترك الناس يعيشون كما يحلو لهم ،،
لكن عندما تكون هذه التفاصيل عائدة لشخص مرجعيته وإيديولوجيته تقتات على أقوال الله ورسوله ، وتستدرج الأميين في البوادي باسم الدين والحلال والحرام، وتدخل الدين في السياسة ، وتنعث المعارض بالكافر ، فهنا يجب أن نقف عند عمق ودلالة الحدث ..
لسنا عدميين لدرجة أننا وفي القرن الواحد والعشرين سنناقش بعض خصلات الشعر الأشعث الراقصة خارج القماش ، لكن لأننا ابتهجنا للتغير الذي حدث في المرجعية بعد سنوات من العميان أو بالأحرى - سنوات الفقر- أو ربما لأننا استغربنا للنفاق .. وبالتالي نحن لسنا بأعداء الحياة كما يزعم، بل أعداء النفاق
والنفاق هو أن تسهر الليالي الملاح، وتدعوني للمسجد لتقول لي بأن الفقر قضاء وقدر !...
إننا نناقش فقط أحد أبجديات " تعلم العيش" التي للأمس القريب كانت تجهلها صاحبة الصورة، ويجهلها أحد زملاءها الذي حملته مرجعيته على طرد صحافية من مؤسسة البرلمان - رغم أنها لا تعود لملكية والده- بسبب شكل ملابسها، وهو بالمناسبة أحد الوزراء ممن تذوقوا النعمة حديثا ، هذه النعمة التي كانت نقمة على زوجته للأسف التي سارع إلى استبدالها ..
ما العمل أمام تخويف وإرهاب المجتمع ؟
*مولاي أحمد الدريدي
02 / 01 / 2019
ما العمل أمام " إرهاب وتخويف المجتمع ;الإطارات السياسية والنقابية ;المدنية ومؤسسات الدولة غير hgحكومية كالمؤسسات الدستورية (المجالس والمؤسسات المرتبطة برئيس الدولة بصفته الملكية أو كأمير للمؤمنين)". إرهاب من طرف الإسلام السياسي المغربي بكل تنظيماته سواء المنخرطة في الحكومة آو التي هي خارجها.
قبل أن تشارف سنة 2018 على الانتهاء، أبت قوى الظلام من حركات الإسلام السياسي المغربي إلا إن تبصم نهاية السنة بثلاث وقائع/ أحداث لها نفس الدلالات والمعنى. عنوان هذه الدلالات: " إرهاب وتخويف المجتمع والإطارات السياسية -النقابية -المدنية، و مؤسسات الدولة الغير حكومية كالمؤسسات الدستورية (المجالس والمؤسسات المرتبطة برئيس الدولة بصفته الملكية أو كأمير للمؤمنين). ونتساءل معكم عن:
لماذا هذه الإستراتيجية المبنية على إرهاب وتخويف المؤسسات السالفة الذكر؟
ماهي الوقائع الثلاثة/ الأحداث التي لها نفس الدلالات والمعنى ؟
سأبدأ بتحديد الإجابة عن السؤال الأخير؛ أي تحديد المشار إليها:
* الواقعة/ الحدث رقم 1: الجريمة الإرهابية النكراء التي راحت ضحيتها ضيفتا المغرب الشابتين الاسكندينافيتين. عملية بهدف إعلان أن داعش حاضرة وتقوم بتنفيذ "فتاوي" البغدادي في المغرب الأقصى.
* الواقعة / الحدث رقم 2: مظاهر استعراض آليات دار الحرب يوم 25 دجنبر 2018 بقيادة رئيس الحكومة السابق ، حيث تم إحضار آخوهم المتهم بقتل الشهيد أيت الجيد بن عيسى على سيارة "لاندروفر"، في إشارة إلى آلية حربية؛ إعلان دار الحرب تم التوطئة لها من خلال تصريح ووزير الدولة ليلة ذكرى إحياء الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي ابتغى من خلاله مصادرة مؤسسة القضاء والتأسيس لقضاء خارج القانون أي ما نصطلح عليه بتامغرابيت "شرع اليد".
* الواقعة/ الحدث رقم 3: إعلان مشروعهم الحقيقي أي؛ دولة القرآن :
وهو التصريح، الذي أدلى به الأمين العام ومرشد جماعة العدل والإحسان محمد عبادي في حضرة يساريي الإسلام السياسي، حيث قال نريد دولة القرآن؛ نريد دولة الإحسان ؛ نريد دولة الإنسان الدولة الإسلامية هي الدولة الإنسانية، التي تتلائم أحكامها مع فطرة الإنسان.
هذا تلخيص مركز لمشروع "الدولة الدينية" كما تسعى إليه جماعة العدل والإحسان.
القول بدولة القرآن، قول بدولة السيف البتّار .
القول بدولة القرآن ، قول بالدولة اللاّديمقراطية .
أي النقيض للدولة المدنية الديمقراطية، المتعارضة مع دولة القرآن، ودولة الثوراة والزبور ودولة الإنجيل وتتعارض مع كل دولة تستغل الدين من أجل السلطة والمال وآرب أخرى..." فهل استوعب ذلك يساريو وحقوقيو الإسلام السياسي؟"!!!.
جوابا على السؤال الأول فان الرسالة من خلال هذه الوقائع / الأحداث الثلاثة ؛ كانت واضحة؛ أي إرهاب و تخويف المجتمع والإطارات السياسية والنقابية والمدنية ومؤسسات الدولة غير الحكومية كالمؤسسات الدستورية ( المجالس والمؤسسات المرتبطة برئيس الدولة بصفته الملكية أو كأمير للمؤمنين).
فليساريي الإسلام السياسي الذين ساندوا أو حضروا ذكرى وفاة عبد السلام ياسين ولكل من يهمه الأمر ؛ نقول أن التحالف مع العبادي و جماعته ومريديه يدخل في إطار هذه الإستراتيجية أي الإستراتيجية المعبر عليها من خلال جريمة شامهاروش أو من خلال إعلان دار الحرب بقيادة الرئيس السابق للحكومة عبد الإله الله بنكيران.
ومن ينخرط فيها يساهم في العملية المشتركة أو بلغة السياسة في التكتيك المرحلي للإسلام السياسي المبني على التخويف والترهيب، كي يفرضوا شروطهم التفاوضية في الأجندة المستقبلية وخاصة الانتخابية ل 2021 .
إذن ما العمل؟
لا أحد يجادل بأن البلد والعباد بداخل هذا البلد العزيز المغرب أصبحوا في خطر إذا تمكن الإسلام السياسي من بلوغ تحقيق إستراتيجيته السالفة الذكر. أن الإستراتيجية الأمنية في مواجهة الإرهاب والتي أبانت على نجاعتها النسبية لا تكفي لوحدها في مواجهة الإرهاب بل لا بد من القطع مع التردد في مجالات إصلاح الحقل الديني و إصلاح منظومة التعليم والإعلام بكل تعبيراته وتكتيف المجهود التنموي للحد من تكاثر هوامش المدن الفقيرة ؛ فالأسس الفكرية والعقدية التي تنبني عليه الدعوات الإرهابية والمستندة إلى تأويلات متطرفة للعقيدة ، تجعلنا أمام تطور للظاهرة الإرهابية بشكل خطير ومقلق .
فعبر مختلف أجيال الظاهرة الإرهابية في بلادنا فإن تطور الاستراتيبجية الوطنية في محاربة الإرهاب سواء على مستوى المؤسساتي أو القانوني أو اللوجيتسكي أو جوانب احترام الحقوق والحريات وتطور مستوى التعاون الدولي في الموضوع؛ غير كافية الان مع استراتيجية الإسلام السياسي المغربي الأخيرة هذه والمعبر عنها من خلال هذه الوقائع / الأحداث الثلاثة.
أن الدولة من أعلى قمتها وكذلك الأحزاب الغير منتمية للإسلام السياسي أو المتحالفة معه أو المتعاطفة معه و كذلك المجتمع المدني الديمقراطي الحامل لمشروع التغيير التقدمي الديمقراطي ؛ هم كلهم مطالبين بالتأسيس لنقاش التغيير الدستوري بغاية تجفيف منابع الإرهاب حتى لا يتم استغلال بعض محتويات الوثيقة الدستورية، في المنظومة التعليمية وفي السياسات العمومية.
و المدخل هو الأعداد المشترك للمحطة الانتخابية 2021 بشكل تشاركي، معقلن، راشد و مؤسس من خلال تغيير الدستور وإدارة انتخابية مستقلة، أن هذا يتطلب مرحليا إعفاء الحكومة الحالية باعتبار الأخطاء الجسمية التدبيرية والمنحازة للإسلام السياسي، وكذلك الإنسان عملها طيلة 8 سنوات التي مضت بعدم الكفاءة. فالزمن الفاصل مابين اليوم و محطة 2021 غير كافي للحلول الترقيعية السياسوية. فالمنهجية الوطنية في تذبير محطة تقرير مصير الشعب اقوى وأكثر شرعية من أية منهجية ديمقراطية عددية.
*فاعل حقوقي الكاتب العام للمركز المغربي من أجل ديموقراطية الانتخابات
*المنسق الوطني للجبهة الوطنية لمناهضة التطرف والإرهاب
التيتي الحبيب يكتب عن الاستثمار في سوق الجهل
15/12/2018
من احدث مظاهر تسلل الرأسمال لكي ينمي أرباحه ويحارب انخفاض معدل الربح هو تحويل الجهل الى سوق يتم الاستثمار فيها وحيث تباع سلع وخدمات تدر الإرباح. فكما استعمل الذوق والثقافة والدين كمجالات استغلها الرأسمال لخلق الحاجة ثم منتوجات يحب تلبيتها أو إشباعها؛ ها هو أيضا يستغل الجهل ليخلق لأصحابه حاجات ومنتوجات مادية أو خدماتية لإشباعها، وهذه المنتوجات تتحول الى سلعة يتم تبادلها و استهلاكها وهي بذلك تضمن الربح ومقاومة قانون اتجاه انخفاض معدل الربح.
الجهل سمح بإقناع الجاهل والجاهلة بأنهما تحت تأثير الجن والعفاريت وأصبح عالم الجن والعفاريت قريبا من فهم وإدراك هؤلاء الجهلة وتشكل فريق من المختصين يتوجه لهم هؤلاء الجهلة للتوسط مع الجن سواء من اجل جلب المنفعة او الحماية من شرهم.ظهرت خدمة جديدة بالمغرب وفي العديد من بلدان العالم تسمى الرقية. اشتغل الرأسمال على هذه الخدمة فقوى من الحاجة للحصول عليها باعتبارها من ضرورات الحياة، تماما كما فعل مع أية سلعة تنتج للسوق من مواد النظافة او التغذية او غيرها.ظهرت القنوات التلفزية والاداعات، تتنافس في تقديم خدمات "مجانية" او تقوم بالدعاية للرقاة أو مجموعاتهم. الجديد في الأمر بالمغرب وبعد تأكد الدولة بان خدمة الرقية أصبحت مجالا مربحا ماديا ومعنويا ولكنها منفلتة من التأطير القانوني، سارعت حكومة البيجيدي الى مبادرة ترمي الى اخراج هذا النشاط من القطاع الغير مهيكل الى قطاع مهيكل ومنظم عبر سوق تطبق فيه قوانين العرض والطلب وتحديد الأسعار و"جودة" الرقية والضرائب أنها سوق من صميم الاقتصاد السياسي.
انتقلت الرقية من مجال تعميم واستغلال الجهل الى مجال منظم ومعترف به من طرف الدولة وهو مأسسة للجهل وإخضاعه لقانون الربح الرأسمالي.
اذا كان من خلاصة يمكننا الوقوف عندها فهي ان كل المذاهب السياسية القابلة بمبادئ وقيم الرأسمالية فإنها تتحول في الاخير الى مذاهب توظفها الرأسمالية في استغلال البشر وفي تفقيره وانتشار الجهل والفكر الخرافي. الاسلام السياسي يلعب هذه الادوار مجتمعة اذا بقي في يد من يوظفه لخدمة مصالح الطبقات المستغلة السائدة وجهاز دولتها وما لم يحصل فيه اختراق ليتقدم وينتصر للطبقة العاملة والكادحين ويعلن قطيعته مع مجتمع الاستغلال الرأسمالية ويتبنى مصالح المنتجين الحقيقيين للثروة وان هو حقق هذه القطائع فسيلتحق بجميع المدارس الفكرية والسياسية التي تقف على أرضية محاربة الطبقات المستغلة ومحاربة النظام الرأسمالي.هل يمكن لهذا الإسلام السياسي ان تتمخض عنه مثل هذه التوجهات والتيارات وتخرج من صلبه كما حصل في المسيحية لما حققت إصلاحها الديني منذ قرون وعندما التحقت اتجاهات منها بحركة الشعوب من اجل التحرير؟ لست ممن يعدمون هذه الإمكانية لسبب جوهري وهو أن الإسلام السياسي ببلادنا وغيره يخترقه الصراع الطبقي بمعنى ان الخاضعين لهيمنته وتأثيره هم منتمون الى طبقات اجتماعية مختلفة بما فيها الطبقات والفئات المستغلة والمضطهدة.هناك اعتراض قوي وله اساسات جدية وهي تلك التي يرى اصحابها ان الاسلام السياسي نشا كتوجه رجعي ويخدم مصالح وأهداف تتعارض جوهريا مع المصالح العميقة للشعوب وخاصة الطبقة العاملة، انه نشأ في كنف الرجعيات العربية وحضنته قوى امبريالية.نعم كلام واقعي وحقيقة تاريخية لا يجادلها إلا جاهل او متعنت. لكن يجب التمييز بين الاستعمال الرجعي والفاشي لبنية فكرية وايديولوجية تخترق أفقيا كل الطبقات الاجتماعية وبين الفكر الفاشي كما ظهر بعد تحويل بنية فكرية وسياسية لفئة اجتماعية وحتى طبقة معينة الى فكر فاشي وهذا ما وقع مع الفاشية والنازية في بداية القرن العشرين حيث تم استغلال الفكر الاشتراكي القومي والركوب على الموجة النضالية التي تزعمتها البروليتاريا وسرقت ايديولوجيتها ووظفت لخدمة مصالح الرأسمال المأزوم آنذاك وانقلبت تلك الايديولوجية الاشتراكية القومية الى فكر معادي للطبقة العاملة وأحزابها الشيوعية.
فإذا كان الإسلام السياسي يعتمد بنية فكرية شاملة ومخترقة للمجتمع فان ذلك سيمكن لا محالة من اختراقه بدوره وتظهر تناقضاته الداخلية بفعل الاختراق الطبقي للمنتسبين له.
من إحدى مهام هذا الإسلام السياسي المنحاز للطبقات الكادحة هو مساهمته في محاربة الخرافة والجهل وإعادة الاعتبار للعقل والتنوير.ان مشاركته في هذا الجهد والنضال النظري والثقافي هو ترجمة مادية للثورة الثقافية التي يحتاجها مجتمعنا وشعبنا من اجل هزم المجتمع الرأسمالي واستغلاله ونهبه وجهله وتسليعه لكل المجالات والقيم.
جمال الدين حريفي يكتب عن "أعداء الحياة"
16 دجنبر 2018
أن تفكر مجرد التفكير في منع غيرك من أن يمتلك فكرا ورأيا يخالف فكرك ورأيك، أن تفكر في قمعه وخنقه وكتم صوته. ذلك هو الإرهاب بعينه.
وأن تفكر مجرد التفكير في أن تحرم غيرك من حقه في الوجود وفي العيش وفي السير والحركة و الفعل والقول، أن تفكر مجرد التفكير في حرمان غيرك من حقه في الحياة فقط لأنه يخالفك الرأي ولا يتفق مع طريقتك في التفكير أو نمط حياتك ومنهج سلوكك، فذلك هو الإرهاب بعينه أيضا.
أما أن تنتقل من مجرد التفكير إلى الفعل، معتقدا بأن الأرض ما خلقت إلا لك. لك وحدك ولأشباهك وأضرابك وأمثالك، فهذا منتهى الإرهاب، وسقفه الأخير.
قتل الحياة وإعدام الأحياء بلا شرع إلا شرع النزوات ونزوعات الشر وأخلاق التهمج الضاربة الجذور في النشأة الأولى للبشري سفاك الدماء. ذلك هو الفرق بين الغريزة والعقل، وبين الوحش والإنسان. لم يكن التأنسن سهلا ولا سريعا، ولكن يبدو أن من الناس من لم يبدأ رحلته بعد نحو الإنسان. بل ويبدو أن من الناس من يرفض حتى أن يخطو خطوته الأولى لتعلم أبجدية الإنسانية.
الحياة ليست ملكك لكي تهبها لمن تشاء وتنزعها برغبتك ممن تشاء. والتفكير ليس حكرا عليك لكي ترخص به لمن تريد وتمنع منه من لا ينال رضاك.
التفكير ليس غاية في حد ذاته، والأفكار ليست مقدسة، ولا هي ثابتة جامدة لا تتبدل ولا تتغير. التفكير مجرد وسيلة للارتقاء بالحياة وتحسين شروطها، الحياة وحدها هي المقدسة، حياة كل الكائنات، وحياة الإنسان بالدرجة الأولى، حياة الإنسان هي المقدسة، وحرمتها من حرمة خالقها تبارك وتعالى الذي خلق الحياة والموت، وجعل من أحيا نفسا واحدة كمن أحيا الناس جميعا ومن قتلها كمن قتل الناس جميعا.
المتوحشون والمستبدون وأحاديو الرأي ومحدودو التفكير وحدهم يظنون أن أفكارهم مقدسة ورأيهم دين وعقيدة، ثم حتى وهم يعتقدون ذلك، فهم لا يجدون لغيرهم أي فضيلة على وجه الإطلاق، ولذلك يرفضون لهم حق التفكير وحق الوجود وحق الحياة.
الدين كامل لا نقص فيه، أما إيمان الإنسان فيزيد وينقص، والعقيدة كلها صواب أما فكر الإنسان فيقبل الصواب والخطأ. لذلك فلا قدسية لفكر الإنسان الخطاء. مهما كان ادعاؤه، فليس وراء ادعائه لامتلاك الحقيقة وحده سوى النرجسية الفجة للمرضى والمهووسين والمهلوسين.
أخطر أعداء الحياة هم أعداء التفكير الحر، وأعداء كل تفكير حر هم بالضرورة أعداء الإنسان. لذلك فهم يسعون بكل ما أوتوا من جهد لاعتقال الفكر وقتل الإنسان وحبس مجرى الحياة.
هكذا كان الشأن عبر كل العصور.
الحضارة مقابل التوحش
والحرية مقابل الاستبداد
الحياة مقابل الموت
والأمن مقابل الترويع
يعتقد المتوحش مادام يرى الرأس تفكر واللسان يتكلم واليد تكتب أو ترسم أن العلة والداء والإثم واللعنة في الرأس وفي اللسان وفي اليد، فيسعى جهده لتدمير الرأس وقطع اللسان وتحطيم اليد وكسر الأصابع.
هكذا كان الأمر عبر كل عصور التوحش والاستبداد والموت القديمة والحديثة.
إذا كان البدائي قد شدخ رأس طريدته ووضع قدمه على عنقها ثم رفع صوته بالعواء مقلدا في ذلك الذئاب فلأنه كان يعيش في الغاب. وهذا يشفع له، ثم جاء بعده بدائيون كثر ومتوحشون ومتغولون وهمج فعلقوا رؤوس البشر على رؤوس الرماح والعصي والسيوف، أو على أسوار المدن ليرعبوا أعداءهم ويعلنوا عن انتصار الوحش على الإنسان وعلى أن التأنسن يحتاج إلى أكثر من نظارة ومعطف أو ربطة عنق وبدلة عصرية، إذ هكذا فعل ويفعل الهمج المتوحشون في كل العصور. يكسرون العظام ويسحقون الرؤوس ويقطعون الأصابع.، تشهد على ذلك وقائع الحروب والفتن على مر التاريخ.
عداء المتوحشين للحياة وللإنسان ليس له نظير. ولكنهم لبؤسهم لا يتخيلون الحياة إلا
" جسدا فارغا من المعنى" ، رأسا ويدا أو لسانا وأصابع. فيملؤونه بالمعنى البئيس لهمجيتهم. المتوحش يستعيد أسطورة أجداده المتوحشين وطقوسهم البدائية في تقديم القرابين لآلهة الخراب. تلك الآلهة التي صنعها رعبهم من الرعود والبروق والفياضانات وقسوة الطبيعة. إنهم يرقصون حول رأس القربان ويضعون أقدامهم على صدره أو عنقه ثم يعووون كالذئاب وينتظرون أن تتصادى مع أصواتهم أصوات باقي الوحوش والكواسر معلنة عن الانتماء الجمعي للغاب ، لأن غريزة التوحش لم تغادرهم بعد ولا هدب أخلاقهم أو طهر سلوكهم دين الرحمة وإله المحبة الذي هو إله الأخيار. ربنا الرحيم، الغفور الستار.
إنهم يدمرون ويحطمون ما يرمز إلى العقل والتفكير الحر والتعبير الصادق عن الحقيقة، لذلك يستهدفون الرأس واليد، يستهدفون مصدر التفكير ومصدر الكتابة والرسم والنحت، يستهدفون مصدر الكلام والغناء.
يستهدفون الجسد.
يستهدفون الرأس لأنه وعاء العقل، والصدر لأنه وعاء العزة والكرامة. والعنق لأنه جسر لحبال الصوت وللسان. جسر للكلام وللتعبير عن الحقيقة.
ليس للمتوحشين من عدو أكثر من الجسد، لأن الجسد يعني الحياة، فبلا جسد لا حياة، والمتوحشون أخطر أعداء الحياة.
هل ينتشون فعلا بقهرهم للجسد وسحقهم للرؤوس ودوسهم على زهرة الحياة، هل ينتشون فعلا بعطر الألم؟
بماذا يشعرون حقا؟ وهل يجدون متعة ما وهم يشدخون الرؤوس ويطؤون الأعناق بالأقدام، ويسمعون الصراخ الحاد الطويل والأنين؟ هل يشعرون حقا بالقوة والنصر؟ هل يشعرون بقيمة ما لم يدركها بعد غيرهم من البشر؟
أطرح هذه الأسئلة وأنا أفكر في الفاشيين والنازيين وكل الجلادين الذين عبروا الأزمان والعصور ولم يتركوا وراءهم غير الدمار والخراب. وحين يضحكون منتشين بانتصارهم على القلوب والعقول، وعلى الأجساد الهشة الفانية لخصومهم، أتكون تلك ضحكة الآدمي أم ضحكة الشيطان؟
أليس هؤلاء الذين يحكمون على غيرهم بالفناء ويلقونهم في العدم مسكونين بأرواح أبالسة الجحيم؟ أليسوا يحتاجون إلى مطهر أو أغلال أو أكبال وقيود تعطل ما فيهم من قوى الشر واللؤم الرجيم؟
ومتى ستعرف الإنسانية أن كل من يستهدف إنسانا في سلامته البدنية هو عدو الحياة وعدو الإنسان وعدو الفكر وعدو الحرية. وتعامله كعدو، متى ستعرف التمييز بين الأخيار حقا الذين يقودونها نحو الجمال، والأشرار الذين يلقون بها في مهاوي الجحيم.
لقاء جنيف وإكراهاته
كتب: مصطفى العراقي
05/11/2018
لقاء جنيف يومي 5 و 6 دجنبر الجاري حول الصحراء قد لا يحمل جديدا عدا تأكيد مواقف واستعراض شعارات من طرف الجزائر والبوليساريو.. وهما معا سيعزفان نفس المقطوعة التي ردداها في مفاوضات وبيانات وتصريحات سابقة . في الجلسة الأولى ستتوجه الأنظار إلى كلمة المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة السيد هورست كولر ومدى ترجمته لمضامين القرارين الأخيرين لمجلس الأمن ( 2414 و 2440) اللذين رسما بوضوح موقع الجزائر من الصراع .. وماهي المقاربة التي سيتم اعتمادها لردم ما أمكن من هذه الفجوة التي اتسعت أربعة عقود بفعل نزاع مفتعل اصطنعته جارتنا الشرقية وهي مسكونة بروح الهيمنة الإقليمية التي تبنتها مؤسستها العسكرية وجعلت المس بالوحدة الترابية للمغرب أحد خياراتها...
في لقاء جنيف ستجلس الإطراف بشكل مغاير عن اللقاءات السابقة .فالمائدة المستديرة هي بشكل ما ترجمة دالة للتقريرين الأخيرين للامين العام ولقراري مجلس الأمن المتعلقين بالملف . ومعناها بأن تحضر الجزائر كطرف رئيسيي في العملية السياسية " بحسن نية، ودون شروط مسبقة وبروح التوافق" بدل الاستمرار في الاختباء وراء أطروحة أنها فقط بلد مجاور ومراقب . لكن أعتقد أن هناك معطيات تحول دون حلحلة الموقف الجزائري ودون تقدم قصر المرادية والبنية المتحكمة خطوات من أجل صياغة ملامح الحل السياسي لقضية الصحراء كما تطالب بذلك الأمم المتحدة .
أول هذه المعطيات هو توقيت لقاء جنيف . لقد تمت برمجته على بعد أربعة أشهر من الانتخابات الرئاسية الجزائرية والتي من المقرر أن تجري في أبريل المقبل.وهي انتخابات قد لا تعرف ترشحا للرئيس عبد العزيز بوتفليقة لعهدة خامسة. فالرجل أقعده المرض عن ممارسة مهام الرئاسة منذ خمس سنوات على الأقل . وهناك مؤشرات بأن مؤسسة الجيش تعمل على صياغة رئاسة جديدة تنهي عقدين من رئاسة بوتفليقة . وأبرز مؤشر هو ما حدث بحزب جبهة التحرير التي بادر أمينها العام جمال ولد عباس بالإعلان عن ترشح عبد العزيز بوتفليقة وتشكيل حلف حزبي لذلك وهو ما عجل بالإطاحة به من قيادة الجبهة وتنصيب معاذ بوشارب محله لأن أمر الترشيح وتنصيب الرؤساء هو حكر على المؤسسة العسكرية منذ استقلال الجزائر .
ثاني المعطيات أن الجزائر وهي عشية انتخاباتها الرئاسية وفي هذا الوضع الانتقالي لن يكون بمقدورها اتخاذ قرارات إستراتيجية في ملف الصحراء أو غيره .مثل الاستجابة للدعوة التي وجهها جلالة الملك بمناسبة خطاب الذكرى ال 43 للمسيرة الخضراء باقتراح أن تتشكل آلية بين البلدين لإيجاد حلول وتوافقات للمشاكل الثنائية ..الجزائر وبعد صمت غير معتاد دام ثلاثة أسابيع اختارت أن ترد على المقترح الملكي بما يترك الباب مفتوحا الى ما بعد استحقاق أبريل القادم .البعض رأى بأن دعوة الجزائر لاجتماع وزراء خارجية الاتحاد المغاربي هي نوع من الرفض لمقترح جلالة الملك لكن أعتقد أن اكراهات المرحلة السياسية بهذا البلد لم تجد سقفا أعلى من الدعوة لهيكل تراه مناسبا للتداول في قضايا ثنائية ومتعددة الأطراف.
لذلك سيكون لقاء جنيف يومي الأربعاء والخميس خامس وسادس دجنبر مجرد تعبير عن مواقف في انتظار موعد جديد لن يكون له جدوى إذا ما تمت برمجته قبل ربيع السنة المقبلة..فالمؤسسة العسكرية الجزائرية اليوم منهمكة ب"صناعة" الرئيس الجديد .وهي على وعي تام بأن عهدة جديدة لبوتفليقة ستزج بالبلاد في المزيد من المشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي أصبحت لا تطاق .وهي تعي أكثر من أي وقت مضى بأن أي امتداد للنظام الحالي هو اتساع لظاهرة الفساد الذي استشرى بهذه المؤسسة وأجج صراعات بين أجنحتها وأطاح برؤوس كثيرة خاصة في سنة 2018.
أعده للنشر: د. جمال المحافظ
5 نونبر 2018
دعا غفور دهشور الكاتب العام للوسيط والديمقراطية وحقوق الإنسان، منظمات وهيئات المجتمع المدني الى اعتماد استراتيجية مبنية على رؤية واضحة في مجالي الإعلام والاتصال.
ولاحظ دهشور الذي كان يتحدث في لقاء تواصلي مع طلبة الإجازة المهنية ..التشريع والمجتمع المدني مؤخرا بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بسلا أن هناك " ضعفا ذاتيا" يعاني منه كلا من المجتمع المدني ووسائل الإعلام والاتصال في الوقت الراهن.
وعزا الفاعل الحقوقي والكاتب الصحفي جزء من ذلك إلي ضعف الإمكانيات المادية التي يتوفر عليها الطرفين، فضلا عن غياب الوعي بأهمية الإعلام والاتصال، بدعوى أن المجتمع المدني يعتقد عن خطأ أن وسائل الإعلام لا تشكل بالنسبة له، ضرورة ملحة وأولوية في برامج هذه المنظمات.
ولاحظ ان المجتمع المدني لا يشكل وحدة متجانسة، وذلك اعتبارا لتعدد مرجعيات الجمعيات وتنوع اهتماماتها واختلاف الفئات المستهدفة من لدن هذه الجمعيات التي يبلغ عددها 150 ألف جمعية، ليست كلها فاعلة.
وإذا كانت الجمعيات على خلاف الهيئات السياسية لا تسعى إلي الوصول الى السلطة، أوضح دهشور أنها في المقابل تحاول هذه المنظمات التأثير عليها، معتبرا أن العلاقة بين المجتمع المدني، انتقلت في العصر الراهن، من علاقات "الصدام والتوتر" التي سادت خلال الستينات والسبعينات، الى علاقات قوامها الشراكة خاصة منذ بداية التسعينات المرحلة التي شهدت نوعا من الانفراج السياسي علاوة على الموقع الزى أضحى يحتله المجتمع المدني في دستور2011، خاصة ما يتعلق بمساهمته في التشريع من خلال آليات تقديم العرائض والملتمسات.
ولاحظ دهشور أن بعض منظمات المجتمع المدني بفضل الإمكانيات التي توفرها الثورة الرقمية، أصبحت مصدرا ومنتجا للأخبار والمعلومات، خاصة بعد ظهور الإذاعات الجمعوية ووسائط الاتصال الاجتماعي ومنها الفضاء الأزرق الذي شكل منفذا جديدا وقناة لتواصل وتفاعل الجمعيات مباشرة مع الجمهور.
وبعدما توقف عند رهانات الفضاء الأزرق من خلال تجربة حركة 20 فبراير التي " كسرت الوهم الذي ساد لمدة طويلة، بأن التغيير لا يمكن أن يتم إلا من خلال الأحزاب"، سجل أن المجتمع المدني انتقل من الأسلوب النضالي، إلي الحرفية من خلال اعتماد بعض المنظمات على تخطيط واستراتيجيات واضحة المعالم.
وكان هذا اللقاء الذي تولى تنشيطه الكاتب الصحفي جمال المحافظ أستاذ مادة التواصل واللغة بنفس الكلية، مناسبة استعرض فيها المحاضر أهداف الوسيط للديمقراطية وحقوق الإنسان، خاصة تجربة"(2 / 2) اوكسجين" القناة التلفزيونية عبر الويب التي أطلقها مؤخرا الوسيط ويتولى الإشراف عليها فريق من الصحافيين الشباب بعدما تلقوا تكوينا إعلاميا وتقنيا في الصحافة والاتصال.
وتجدر الإشارة الى أن اللقاء يندرج في إطار سلسلة الندوات المنظمة مع فعاليات من المجتمع المدني والصحافة والإعلام والتواصل، الموجهة لفائدة الطلبة الباحثين في هذه الإجازة المهنية، التي تتضمن مواد أخري تتعلق ب"دبلوماسية المجتمع المدني"، و"حكامة المجتمع المدني"، و"التشريع وأدوار المجتمع المدني، و"التواصل واللغة".
هذا الوطن لنا
بقلم: فاطمة بلعادل*
28/10/2018
إهداء الى كل من ينادي بإسقاط الجنسية، إلى كل من يطالب بفتح الحدود بغية طالب الهجرة إلى الضفة الأخرى؛ على أمل الاحتماء بدولة تحترم كرامة الإنسان وتصون حقوقه.
يقول عبد الرحمن منيف في روايته، شرق المتوسط: "إن اليقظة هي بداية النهضة، ولا يقوى على صناعة النهضة، إلا بشر أحرار وأسوياء، ويشعرون أن الوطن لهم.".
لا أنكر أن هذا الاستنتاج لمبدعنا الروائي الكبير عبد الرحمن منيف، قد ألهمني. لكن بدل الأخذ به في بعده الجمعي، فضلت إسقاطه على الوعي السيكولوجي الذاتي، وأقول:" ما أحوجنا إلى الوعي بالذات، ككينونة مستمرة وفاعلة، قادرة على الفصل بينها وبين محيطها بشكل عام."
من هذا المنطلق أعتبر المبادرة بداية الوعي بالذات؛ إنها عملية تحكم في المصير ولا يقوم على صناعة المبادرة إلا إنسان حر سوي يؤمن بقدراته لا بقدره، وبحقه في صناعة قراراته لأن حياته ملكا له واختياراته من مسؤوليته".
يبقى التساؤل ما علاقة هذا التقديم المختصر للوعي الذاتي البناء بشعار رفعته جماهير شعبية مطالبة بإسقاط الجنسية؟
ينم الشعار في كنهنه على الإحساس بالقهر والدونية والضعف أمام جبروت نظام سياسي واقتصادي واجتماعي غير عادل وغير منصف للطبقات الشعبية.
إن الجماهير المهمشة و المقهورة في وطننا المغتصب تطالب بإسقاط الجنسية، اقتناعا منها بأن الانتماء للوطن لا يقتصر على امتلاك بطاقة تعريف وطنية، بقدر ما هو احتواء لكرامة الإنسان، الوطن هو العدالة هو الكرامة، إنه الشرط المادي الأساسي لبناء علاقات اجتماعية وإنسانية نبيلة وراقية.....ومع غياب شرط الانتماء وتحلل مفهوم المواطنة، فإنه لا يبقى أمام الإنسان المحبط و المقهور إلا محاولة الهرب من هذا الخطر والذي هو مع الأسف الوطن وكل ما تختزله هاته الكلمة من الشعور بفخر الانتماء لتتحول بالرغبة في رسم قطيعة معه.
إن المطالبة بإسقاط الجنسية وفتح الحدود للهجرة رغبة لدى مجموعة كبيرة من المواطنين، تسعى من خلالها إلى رسم معالم حياة آمنة وقارة، مع حضور وعي وإدراك تام : على أنه لا ناقة لهم ولا جمل داخل هذا الوطن المغتصب.
و لفهم حالة اليأس والإحباط هاته؛ أي الرغبة ليس في الهجرة وإنما في إسقاط الجنسية، لأن الهجرة في حد ذاتها اختيار وحق، بينما المطالبة بإسقاط الجنسية هذا الهتاف الذي رددته جماهير شعبية من مختلف الأعمار والأجناس وحتى المستويات الثقافية.... تترجم وبشكل فاضح وصارخ حالة التذمر واليأس والإحباط التي أصبحت تطوق المواطن إلى درجة الإحساس بالاختناق، إنه شكل من أشكال الرفض لسياسات التحقير والتهميش والإذلال لكرامة الناس، وتبقى حالة اليأس هذه حالة مفهومة ومقبولة شكلا وموضوعا، لأن اليأس في هاته الحالة وبهذه الشروط ليس مرتبطا ببنية الشخصية السيكولوجية ومقوماتها المعرفية الذاتية، بقدر ما هو يأس ناتج عن شروط وظروف اجتماعية واقتصادية جد متردية، وبعبارة أدق فإذا اعتدنا التركيز في علاج حالات اليأس على الجانب الذاتي للمريض، فإننا نجد أنفسنا أمام حالة يأس تختزل كل شروطها المادية والثقافية والسياسية والدينية لتنتقل من الخارج إلى داخل نفسية الفرد: أي أن حالة اليأس ليست نابعة من شروط الشخصية ذاتها بقدر ما هو حالة يأس ناتج عن ظروف اقتصادية وسياسية وحقوقية ظالمة وقاهرة. ومع غياب إمكانية وجود حل حاسم أو بديل جذري حقيقي واضح المعالم لما تعيشه أغلبية الشعب؛ من بطالة وفقر وتجهيل وتطويق و متابعات في حق كل النشطاء السياسيين والحقوقيين.....أمام هذا الفراغ التنظيمي، لا بديل ولا أمل للتشبث لدى هاته الفئة من الجماهير غير الهروب والرغبة في الهجرة مع التأكيد طبعا على إسقاط الجنسية...... ومن أجل فهم أكثر لهاته الظاهرة - أي المطالبة بإسقاط الجنسية بدلا من إسقاط البنيات المنتجة لثقافة التيئيس والإحباط المتمثلة في النظام الرجعي نيوليبيرالي. سأحاول هنا رصد البعد النفسي والسيكولوجي لهاته الخطوة:
القراءة الأولية لهذا السلوك الجمعي؛ أعتبره شخصيا سلوكا مبنيا في أساسياته على شعور بالقهر والإحباط، لكن هذا الشعور بالقهر ومع دوامه واستمراريته داخل الخط الزمني من عمر الإنسان ينتج: الشعور بالاغتراب.
وأعتقد أن الشعور بالاغتراب أو الإحساس بالغربة داخل الوطن إحساس مؤلم وفظيع، في حد ذاته، و له حمولة سيكولوجية مشحونة بطاقة سلبية رهيبة ومرعبة، لأنه إحساس صريح وقوي يشير إلى غياب شرط الأمان داخل الوطن الأم.
إن الشعور بالألم المتفاقم والإحساس بالعجز والضياع، أكثر ألما وأكثر هدرا للطاقات الإيجابية عند الإنسان، ولا أبالغ إذا قلت بأن الإحساس بالاغتراب داخل الوطن أشد ألما وظلما وقهرا من نفس الشعور بالاغتراب عند المهاجر الذي يتواجد أو يعيش ومستقر بشكل دائم في ديار المهجر. علما بأن المهاجر يتعامل مع هذا الشعور بأشكال وطرق مختلفة، وحسب إيقاعات وطاقات نفسية طبيعية واجتماعية خاصة تختلف حسب القدرات المعرفية والشخصية لكل موضوع بشكل متفرد وخاص .
لماذا المطالبة بإسقاط الجنسية بدل المطالبة بإسقاط الفساد؟
ببساطة شديدة رغم تعقدها، إنه الانطواء على الذات، إنها أولوية دفاعية تسير في اتجاه الانغلاق على الذات والانسحاب بدل مجابهة التحديات الراهنة والمستقبلية، تشيع هاته الأولوية الدفاعية كثيرا في ردود فعل الإنسان تجاه مختلف حالات الفشل الذي يرافق إحساسه الداخلي بالعجز وقلة الحيلة. تصير هاته الحالات مع الناس بشكل عام وقد يعتمد الفرد هاته الآلية الدفاعية أي الانطواء على الذات بكبث رغبته تجنبا للإصابة بحالة الألم وحالات الإحباط، فيقطع الصلة بموضوعات هذه الرغبة كي لا تثير في نفسه قلق الخواء......
والخطير في الأمر أن الإنسان المحبط يعتقد حد الجزم على أن فشله وإحباطاته متعلقة بشكل كبير بقدراته الضعيفة في حل مشاكله ومواجهة خساراته.
يبقى السؤال كيف يمكننا مواجهة هذا الخوف والتوتر من إعادة تجربة الفشل أو الإحباط؟؟!!
هناك وسائل عدة يلتجئ إليها الإنسان، لكن الاحتماء بالأسرة أو الجماعة كيفما كانت طبيعتها ولونها الفكري والثقافي أو الديني، يبقى بديلا عفويا تلقائيا بغية خلق نوع من التكافل أو التضامن الاجتماعي والذي ليس في حقيقته إلا شكلا آخر من أشكال الوجود والاحتماء.
* فاعلة جمعوية من بروكسيل
من بروكسيل: فوزية مبرور
01/11/2018
على هامش الاحتفال الأوروبي في بداية شهر نونبر الحالي من العام 2018 بالذكرى المئوية للحرب العالمية الأولى قمت بزيارة لأحدى أكبر المقابر بمدينة أيبر التي تبعد بنحو مائة كلم عن بروكسيل- وهي واحدة من بين 42 مقبرة لضحايا الحربين العالميتين الأولى والثانية في بلجيكا - وتضم 1500 قبرا لضحايا هذه الحرب المدمرة ما بين مدنيين وعسكريين.
الميثر للفضول في زيارة هذا المكان، الذي تكاد تزوره كل الأجناس والديانات في العالم، هو العثور على أسماء عربية كثيرة منقوشة على الحائط التذكاري للمقبرة. لم يكن ذلك مفاجئا بالنسبة لي، ولكن المفاجئ هو عدم إشاعة هذا المعطى التاريخي بين الشعوب بطريقة تربوية لإبراز اختلاط الدماء بين هذه الأجناس، خاصة العرب من شمال إفريقيا وبين الشعوب الأوربية من وبلجيكا وفرنسا وبريطانيا...كحلفاء في هذه الحرب التي أزهقت أرواح الملايين من البشر، وتسهيل الاندماج في بلدان المهجر.
والمثير من جهة أخرى؛ أن العرب لم يكونوا طرفا سياسيا فاعلا في هذه الحرب التي اندلعت عام 1914، ولم يكونوا من المنتصرين ولا من المنهزمين، ومع ذلك فقد قتل من أبناء العرب وجرح الكثير، لأن مئات الآلاف منهم جندوا قسرا للقتال في الحرب العالمية، التي لم تكن في الأصل سوى حرب أهلية أوروبية.
كذلك في هذه المناسبة يطفو إلى الذاكرة أن القتلى العرب قد تم إجبارهم على القتال مع كلا الجانبين: الحلفاء وأعدائهم، ولكنهم بقوا جنود خفاء لا تحظى ذكراهم بما تحظى به ذكرى الضحايا الأوروبيين من التكريم وتبجيل.
بل يكاد المرء لا يعثر للضحايا العرب على ذكر في أالكثير من الحكايات والقصص التاريخية السائدة في القارة الهرمة.
إلا أن ما يسجله الكثير من المؤرخين لهذه الحرب الأولى والثانية هو تميز الجنود المغاربين بالشجاعة والبسالة الفائقة مما جعل قادتهم يدفعون بهم إلى الجبهات الأمامية، وبالتالي كانت الخسائر في صفوفهم مرتفعة جداً.
لذلك فإن هذه الزيارة، كانت مناسبة فعلية لإيقاظ الذاكرة، بعد مائة عام على نهاية حرب عالمية مدمرة، قد لا ينقصها سوى مشاركة عربية ومغاربية على الخصوص، تأكيدا للدور الذي قام به المغاربة والتونسيون والجزائريون من أجل السلام في أوروبا.
إما أن تكون صحفيا مستقلا أو لاتكون
. جمال المحافظ كاتب صحافي
14 أكتوبر 2018
إما أن تكون صحفيا مستقلا أولا تكون ، هذا هو العنوان الابرز لصحافة واعلام اليوم والغد، وهو ما نجده سائدا في البلدان الديمقراطية، خاصة في ظل الدور المتعاظم الذى تقوم به وسائل الاعلام المختلفة باعتبارها قاطرة أي تغيير منشود، وتزداد هذا الأهمية في بلدان الهشاشة الديمقراطية التي تعرف تراجعافي منسوب ثقة الرأي العام في كافة مؤسسات الوساطة بمختلف تلاوينها.
وإذا كانت البلدان الديمقراطية تحتفظ بالصحافة الحزبية كجزء من تراثها الذي تضعه فقط في متاحفها، فإننا نلاحظ في هذا الصدد أن الولايات المتحدة الأمريكية تخلت منذ نهاية القرن التاسع عشر عن الصحافة الحزبية، حيث تبعتها في ذلك البلدان الاوربية، غير أن هذا لم يلغ البتة ارتباط وسائل الاعلام بالسياسية بمفهومها العام، لكن ليس في لبوساتها كلسان حال الأحزاب، خاصة في التجربة الفرنسية التي نلمس في بعض التجارب الصحفية الرائدة انزياحا ونفسا سياسيا، إما يساريا أو يمينيا باستثناء جريدة "لومانتي" التي ظلت وفية لتراث الحزب الشيوعي الفرنسي ومعبرة عن مواقفه.
بالنسبة للمغرب، فإذا كانت الصحافة الحزبية،قد لعبت أدوارا طلائعية في الماضي وأسست لمدارس صحافية حقيقية، وانجبت أبرز وخيرة الصحافيين من الآباء المؤسسين لمهنة المتاعب، وفي ظرف صعبة، فإنها أضحت مطالبة بالقيام بتقييم موضوعي لوضعيتها ورسم مستقبلها الذي لن يكون إلا بضمان استقلاليتها التحريرية، حتى لا تتحول إلى مجرد منشور حزبي لا يطالعه حتى قياديو الهيئة السياسية التي ينطق باسمها.
فمحددات الصحافة المستقلة بالمغرب متعددة، محددات سياسية، ترتبط بالخصوص بهامش الانفتاح السياسي الذى وسم نهاية الثمانينات وبداية التسعينات، ومحددات أخرى إعلامية، ترجمت في محاولات الانتقال من مرحلة المناضل الصحفي إلى مرحلة الصحفي المهني، على شاكلة " المثقف المستقل ".
غير أننا لا نكاد نعثر على مفهوم واحد، يحدد معنى " الصحافة المستقلة"، في الوقت الذي يلاحظ المتتبع لتاريخ الصحافة والاعلام بالمغرب، أنه كان تاريخا حزبيا بامتياز، إذ ارتبطت في هذا الصدد نشأة الصحافة المغربية بحركة النضال ضد الاحتلال، واستمرت على نفس المنوال عقب الاستقلال مرتبطة بالعمل السياسي وبالأحزاب.
وانطلاقا من مفهوم الاستقلالية التي لا تتنافى مع توفر وسائل الاعلام على رأي وموقف سياسيين خاصين بها، يفترض في مختلف وسائل الاعلام، أن تواكب كافة القضايا التي تحظى باهتمام الرأي العام، على الرغم من وجود التباس وخلط كبير يعترض استعمال مصطلح " الصحافة المستقلة " التي تدعى معظمها بـاستقلالية خطوطها التحريرية، إذ أن استقلالية أية وسيلة اعلام من صحافة مكتوبة أو الكترونية أو سمعي بصري، لا يمكن أن تتحقق بشكل واضح وسليم، إلا إذا رافقتها استقلالية الصحفي نفسه، فالصحفيين هم من يصنعون الاستقلالية، وذلك عبر مقاومة كل أنواع وأشكال الضغوط المادية والمعنوية، التي تمارس عليهم، ورفضهم الانصياع لتوجيهات خارج هيئات تحريرهم.
لقد ظل مفهوم الاستقلالية في ميدان الصحافة والإعلام، بصفة عامة يطرح بعض الغموض في تحديد تعريفه وماهيته، غير أن الجواب عن بعض الاسئلة، يمكن ان يسعف في تلمس بعض المخارج لهذه الاشكالية المطروحة على مهنة المتاعب، منها مثلا ما يرتبط حول ما إذا كانت الاستقلالية تعني استقلالية الصحافة عن الدولة ؟ أم عن الأحزاب ؟ أو الرأسمال ؟ أم عن كل الجهات؟
وأمام تعدد التفسيرات التي تعطى لمفهوم الصحافة المستقلة، اجتهد البعض بتحديد تعريف إجرائي لهذه الصحافة، فهي تلك المستقلة في رأيها وتمويلها عن الدولة، وعن الأحزاب السياسية وجماعات الضغط واللوبيات على حد سواء.
ومع ذلك، فإنه من الصعوبة بمكان، بل من الاستحالة في بعض الاحيان، أن يكون الصحفي العامل في منبر اعلامي حزبي مستقلا في أدائه المهني، ويصبح الأمر أكثر تعقيدا حينما يكون الصحفي منتميا حزبيا وعنصرا قياديا في هيئة سياسية، مما يطرح عليه سؤال عريض، هل يحكم ضميره المهني أم يلتزم بتوجهات وقرارات الحزب المنتمي إليه، سواء كان هذا الحزب في المعارضة أو في الأغلبية، خاصة في المواقف المرتبطة بقضايا حرية التعبير والصحافة والإعلام والتضامن بين زملاء المهنة .
لقد كشفت التجربة والأحداث أن الصحفي الحزبي، غالبا ما ينضبط لقرارات هيأته السياسية ويتماهى مع توجهاتها على حساب المهنة. وقد ظهر ذلك جليا خلال العديد من الفترات منها 2002 ، السنة الأخيرة من عمر حكومة التناوب بقيادة عبد الرحمان اليوسفي، وذلك بمناسبة مصادقة مجلس النواب على مشروع قانون الصحافة الذى ووجه بانتقاد ورفض الصحفيين الذين كان من ضمنهم صحفيان برلمانيان آنذاك عارضا المشروع في هيئتيها المهنية، لكنهما وسط ذهول الجميع من مهنيين ومجتمع مدني ومهتمين تناولا الكلمة باسم فريقهما النيابي في قبة البرلمان خلال التصويت على المشروع، من أجل الإعراب عن تأييدهما لمضامينه والتصويت الايجابي عليه.
وإذا كان ظهور الصحافة المستقلة بالمغرب، خلال بدايات التسعينات من القرن الماضي، أثار مواقف متباينة ومتناقضة، حيث أن هناك من اعتبر أن " الصحف المستقلة " لا تمتلك من الاستقلالية سوى الاسم، وأن هناك جهات خفية تحركها لأغراض وأهداف معينة، في المقابل يرى آخرون أن صدور مثل هذه الصحف يعتبر ضروريا وأساسيا للتعددية وللديمقراطية. ومع إقرار البعض، بوجود فرق بين الصحافة الحزبية والمستقلة، التي يعد ظهورها تعبيرا عن حركية المجتمع بكل تناقضاته وتطلعاته، فإن صفة الاستقلالية – حسب نفس الطرح – تبقى نسبية بدعوى أن عملية اختيار الخبر، ومعالجة الحدث، يعد بحد ذاته نوعا من التوجيه والاختيار.
كما أن الاستقلالية، حسب بعض المهنيين، لم تثبت مصداقيتها بعد، وذلك بسبب الارتباطات القائمة مع السلطة والرأسمال، والجهاز الإداري، مما يجعل الحاجة قائمة إلى صحافة مستقلة بالقوة والفعل.وهذا ما دفع الكاتب الصحفي المرموق المرحوم عبد الجبار السحيمي الى قول ذات زمان في مقال بعنوان "حكومة المعارضة" إن "الصحافة المستقلة و أضعها بين الأقواس، رغم أدائها المتطور، فإنني أتابعها لأعرف أحوال الطقس السياسي، ومن يحفر لمن، ومن يحظى بالرضا ومن يحتاج إلى شد الإذن".
الا أن الصحافة غير الحزبية تمكنت في الوقت الراهن من كسر هيمنة الصحافة الحزبية التي ظلت لسنوات متربعة على المشهد الاعلامي، وأصبح مفهوم الصحافة المستقلة، يرتبط أكثر فأكثر بالاعتبارات والشروط المهنية التي من جملة ما تعنيه، تقديم خدمة للقراء والمشاهدين والمستمعين بواسطة إعلام الحقيقة. فالاستقلالية في الإعلام لا تعني الحياد، بل تعني الموضوعية المستندة على قواعد الحرفية والمهنية والالتزام بأخلاقيات المهنة، وسيادة علاقات تعاقدية بين الصحفيين ومالكي المقاولة الصحفية، واستقلالية هيئات التحرير، سواء أكان ذلك في مؤسسات الاعلام العمومي أو تلك التي لازالت تابعة للأحزاب السياسية أو لمجموعات مالية.
لذا أصبح من المفروض على الصحفي المهني اليوم وليس كما كان بالأمس لان السياق ليس هو السياق، ان يختار بين التموقع في السياسي الحزبي خاصة إذا كان قياديا أو يشغل منصب في مجالات تدبير الشأن العام، وبين مهنة المتاعب التي تتطلب في العصر الراهن التوفر على عدة شروط في مقدمتها ضمان استقلالية الصحفي عن كافة السلط، فإما أن يكون صحفيا مستقلا أو لا يكون.