محمد بنمبارك، دبلوماسي سابق
ينشغل العالم ومنذ حوالي ثلاثة أشهر بمكافحة انتشار جائحة "كورونا المستجد كوفيد19حيث تعذر على العديد من الدول من بينها العظمى، مقاومته بإمكانياتها الذاتية.
دول الاتحاد الأوروبي، لم تتأخر في الالتئام وتوحيد جهودها لاجتثاث هذا الفيروس من أرضها إلا بعد إدراكها الخطر المحدق بشعوبها واقتصادياتها.
الأقطار العربية لم تسلم بدورها، من هذا الوباء وتداعياته، مما يتطلب تشبثها بقيم التضامن والتآخي والتسلح بآليات التعاون المشترك، سواء في إطار النظام العربي أو المنظومة الإقليمية لمعالجة هذه المأساة الإنسانية الشاملة.
في خضم هذه الأزمة، جاء احتفال أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية، في22 مارس المنصرم، بالذكرى 75 لتأسيس هذه الهيئة عام 1945، عبر توجيه رسالة إلى ما يقارب 430 مليون من ساكنة العالم العربي حكاما وشعوبا،هنأهم بالعيد الماسي لهذه المنظمة مدافعا عن وجودها كبيت حصين للعرب مبشرا بمستقبلها. لكن الملفت للانتباه أن أبو الغيط لم يعر أزمة "كورونا" ما تستحقه من اهتمام، كما لم يجرأ على تقديم حصيلة 75 سنة من أداء جامعة العرب، لأنه يدرك أنها مخيبة للآمال.
العالم العربي اليوم منهك متعب، وهو يواجه وباء كورونا اكتفى الأمين العام المساعد للشؤون الاجتماعية بإصدار بيان إعلامي يتيم، حول انعقاد جلسة حوارية يوم 9 أبريل، ضمت 14 خبيرا عن وزارات الصحة العربية، وخبراء صينيين للتشاور حول الفيروس وطرق الوقاية منه، انتهى البيان الإعلامي المحبط للأمانة العامة للجامعة.
جامعة الدول العربية لا تنقصها أدوات الفعل الموحد، ليس أقلها إحداث صندوق عربي لدعم دول وشعوب عربية تمر بأوضاع جد حرجة، كما هو الحال في لبنان ، حيث يتواجد أكثر من مليون لاجئ سوري وفي الأردن أيضا حيث نحو 1.3 مليون لاجئ سوري في حاجة إلى تمويل ومساعدات إنسانية. أما معارك العرب العبثية في اليمن وليبيا فلم تشفع فيها المناشدات الناعمة للجامعة العربية والأمم المتحدة لوقف إطلاق النار.
ومن جهة أخرى، تعمقت مأساة الشعب الفلسطيني في ظل الاحتلال والحصار الصهيوني أمام صمت عربي وإسلامي مريب وتواطؤ دولي فاضح. يضاف إليها صرخات الأسرى الفلسطينيين بسجون الاحتلال في غياب أية حماية أو رعاية صحية من الوباء، أظهرت فيها إسرائيل مرة أخرى أنها كيان بغيض يفتقر إلى أي وازع إنساني ولو زمن المحنة الكونية. محنة امتدت لتشمل ما يقرب من مليون لاجئ فلسطيني بالمخيمات المنتشرة بلبنان وسوريا، فمن يتحمل مسؤولية حماية هؤلاء اللاجئين والتخفيف من معاناتهم؟. لتلقى المسؤولية برمتها للإغاثة، على السلطة الفلسطينية ووكالة "الأونروا"، و"الإسكوا" ومنظمة الصحة العالمية ثم مفوضية شؤون اللاجئين الدولية.
إقليميا يتجلى انغلاق مجلس التعاون الخليجي على نفسه، بعد أن أبدى حركية تضامنية محدودة، فيما بين أعضائه الستة، و خيب اتحاد المغرب العربي مرة أخرى آمال شعوبه، وهو يكرس من جديد التفرقة والانعزال مقابل الدعم المالي من الأجنبي؛ الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية ومنظمات دولية.
ويرى البعض أن الدعم الخليجي للأشقاء العرب بات مرتهنا للتبعية والوصاية للاستفادة من الكرم الخليجي مما يزيد الوضع تعقيدا، في هذه الظرفية الحرجة.
وهكذا أبانت أزمة فيروس "كورونا" خيبة في الأداء العربي برمته، مما بات يتطلب تغييرا جذريا استعجاليا. أما الجامعة العربية فموقف أمينها العام يدعو للتساؤل عن جدواها وما تستنزفه من موارد مالية في المقابل.
ويسجل النظام العربي، في ظل جائحة كورونا، عثرة أخرى تضاف إلى سلسلة العثرات على مدى 75 سنة، لنخلص إلى ما ذهب إليه المفكر كارل ماركس: "إن التاريخ لا يعيد نفسه إلا في شكل مأساة أو مهزلة".
محمد بنمبارك، دبلوماسي سابق
ينشغل العالم ومنذ حوالي ثلاثة أشهر بمكافحة انتشار جائحة "كورونا المستجد كوفيد19حيث تعذر على العديد من الدول من بينها العظمى، مقاومته بإمكانياتها الذاتية.
دول الاتحاد الأوروبي، لم تتأخر في الالتئام وتوحيد جهودها لاجتثاث هذا الفيروس من أرضها إلا بعد إدراكها الخطر المحدق بشعوبها واقتصادياتها.
الأقطار العربية لم تسلم بدورها، من هذا الوباء وتداعياته، مما يتطلب تشبثها بقيم التضامن والتآخي والتسلح بآليات التعاون المشترك، سواء في إطار النظام العربي أو المنظومة الإقليمية لمعالجة هذه المأساة الإنسانية الشاملة.
في خضم هذه الأزمة، جاء احتفال أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية، في22 مارس المنصرم، بالذكرى 75 لتأسيس هذه الهيئة عام 1945، عبر توجيه رسالة إلى ما يقارب 430 مليون من ساكنة العالم العربي حكاما وشعوبا،هنأهم بالعيد الماسي لهذه المنظمة مدافعا عن وجودها كبيت حصين للعرب مبشرا بمستقبلها. لكن الملفت للانتباه أن أبو الغيط لم يعر أزمة "كورونا" ما تستحقه من اهتمام، كما لم يجرأ على تقديم حصيلة 75 سنة من أداء جامعة العرب، لأنه يدرك أنها مخيبة للآمال.
العالم العربي اليوم منهك متعب، وهو يواجه وباء كورونا اكتفى الأمين العام المساعد للشؤون الاجتماعية بإصدار بيان إعلامي يتيم، حول انعقاد جلسة حوارية يوم 9 أبريل، ضمت 14 خبيرا عن وزارات الصحة العربية، وخبراء صينيين للتشاور حول الفيروس وطرق الوقاية منه، انتهى البيان الإعلامي المحبط للأمانة العامة للجامعة.
جامعة الدول العربية لا تنقصها أدوات الفعل الموحد، ليس أقلها إحداث صندوق عربي لدعم دول وشعوب عربية تمر بأوضاع جد حرجة، كما هو الحال في لبنان ، حيث يتواجد أكثر من مليون لاجئ سوري وفي الأردن أيضا حيث نحو 1.3 مليون لاجئ سوري في حاجة إلى تمويل ومساعدات إنسانية. أما معارك العرب العبثية في اليمن وليبيا فلم تشفع فيها المناشدات الناعمة للجامعة العربية والأمم المتحدة لوقف إطلاق النار.
ومن جهة أخرى، تعمقت مأساة الشعب الفلسطيني في ظل الاحتلال والحصار الصهيوني أمام صمت عربي وإسلامي مريب وتواطؤ دولي فاضح. يضاف إليها صرخات الأسرى الفلسطينيين بسجون الاحتلال في غياب أية حماية أو رعاية صحية من الوباء، أظهرت فيها إسرائيل مرة أخرى أنها كيان بغيض يفتقر إلى أي وازع إنساني ولو زمن المحنة الكونية. محنة امتدت لتشمل ما يقرب من مليون لاجئ فلسطيني بالمخيمات المنتشرة بلبنان وسوريا، فمن يتحمل مسؤولية حماية هؤلاء اللاجئين والتخفيف من معاناتهم؟. لتلقى المسؤولية برمتها للإغاثة، على السلطة الفلسطينية ووكالة "الأونروا"، و"الإسكوا" ومنظمة الصحة العالمية ثم مفوضية شؤون اللاجئين الدولية.
إقليميا يتجلى انغلاق مجلس التعاون الخليجي على نفسه، بعد أن أبدى حركية تضامنية محدودة، فيما بين أعضائه الستة، و خيب اتحاد المغرب العربي مرة أخرى آمال شعوبه، وهو يكرس من جديد التفرقة والانعزال مقابل الدعم المالي من الأجنبي؛ الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية ومنظمات دولية.
ويرى البعض أن الدعم الخليجي للأشقاء العرب بات مرتهنا للتبعية والوصاية للاستفادة من الكرم الخليجي مما يزيد الوضع تعقيدا، في هذه الظرفية الحرجة.
وهكذا أبانت أزمة فيروس "كورونا" خيبة في الأداء العربي برمته، مما بات يتطلب تغييرا جذريا استعجاليا. أما الجامعة العربية فموقف أمينها العام يدعو للتساؤل عن جدواها وما تستنزفه من موارد مالية في المقابل.
ويسجل النظام العربي، في ظل جائحة كورونا، عثرة أخرى تضاف إلى سلسلة العثرات على مدى 75 سنة، لنخلص إلى ما ذهب إليه المفكر كارل ماركس: "إن التاريخ لا يعيد نفسه إلا في شكل مأساة أو مهزلة".