عادل الرامي
ثانيا: حول السببية الأبيسية
في دراسة أنجزها السوسيولوجي المغربي عبد الصمد الديالمي، أظهر من خلالها أن في مقدمة الأسباب العينية المباشرة المبررة للعنف الجندري للرجال ضد النساء، هناك السببية الأخلاقية، ومايقصد بها هو السببية التي يتم من خلالها تحميل مسؤولية العنف ضد المرأة للمرأة نفسها وتتمظهر في سلوكيات معينة مثل التبرير بعدم الانصياع والطاعة و طريقة اللباس والمشي، أو بتفسيرات النزوع نحو قيم التحرر والمساواة... إلخ التي تجد سندها في الخوف من ضرب المركزية الذكورية وخلخلة أدوار الجندر التقليدية. وفي مقابل ذلك لايتم تحميل الرجل مسؤولية العنف – بحسب مخرجات نفس الدراسة – إلا في ثلاث حالات وهي: عنف الرجل نتيجة لبطالته، ثم بالاكتظاظ في المنزل، وفي الأخير بإدمانه الخمر أو المخدرات، وهي ثلاث مبررات أبيسية تحاول ترسيخ تصور "تعاطفي" مع الرجل المُعنِّف، بتصويره كضحية لمـعـطـيات تتم خارج ذاته كفاعل وبعيدة عن سيطرته.دون أن ننسى الأسباب الهوياتية المنتشرة و التي تجد سندها التفسيري في محنة الفحولة أو الرجولة المتخيلة، بحيث بحسب ماسجله الديالمي أن هناك عدد من أفراد العينة قدموا تفسيرا كون المرأة نفسها تبحث عن التعنيف وتتلذذ به، ما يدل على أنها وفقا لهذا الزعم الأبيسي امرأة محبوبة زوجها يغار عليها، وأن رجلها رجل حقيقي كامل الرجولة... إلخ، إنه استنجاد بالمنوال القديم للفحل العربي المتخيل، حيث تنشأ تخيلات للفحولة، ومن أهم ملامحها الدفاع عن "الشرف" والاضطلاع بأدوار القوة والغيرة ...إلخ، لاسيما وأن الدينامية الاجتماعية باتت تحرم المجتمع الذكوري من مداناة هذه النماذج المتخيلة، وفشلت مؤسسات الرجولة الرمزية في الصمود في وجه الديناميكية الاجتماعية.
على سبيل الختم:
يبقى حديثنا عن العنف الجندري في علاقته بالتفسيرات الأبيسية المنتشرة، مؤطرا ومستحضرا لعدد من التوصيات لمجابهته، وذلك على مستويات متعددة أبرزها: تمكين النساء اقتصاديا لأن ذلك سيسمح لهن بالوقوف في وجه العنف الذي يتعرضن له، لأن كثير من النساء ينزوين قانتات لهذا العنف على أنه " حتمية قدرية" فقط لأنهن لا يملكن القدرة على إعالة أنفسهن، ثم تمكين النساء من معرفة جميع أشكال العنف الجندري مهما اختلفت صيغه ،فضلا عن ترسيخ مبدأ المساواة بين الجنسين، وتعزيز صورة المرأة الفاعلة المنتجة عوض المرأة المطيعة المنصاعة أو " العورة " التي يجب حجبها ...إلخ، والمجتمع المغربي اليوم في حاجة إلى نساء مقتنعات بالصورة الأميسية عوضا عن الصورة الأبيسية التي حالت دون انفلاتهن من جملة القوالب النمطية التي ترسخ فكرة وجود النساء لخدمة الاخرين، والتي تحكم الرقابة على أجساد النساء بناء على مرجعية ذكورية، فالتخلص من الصورة الأبيسية وحده كفيل بجعل النساء يتخلصن من توجيه اللوم لأنفسهن والكف عن النظر لذواتهن كضحايا.
عادل الرامي
ثانيا: حول السببية الأبيسية
في دراسة أنجزها السوسيولوجي المغربي عبد الصمد الديالمي، أظهر من خلالها أن في مقدمة الأسباب العينية المباشرة المبررة للعنف الجندري للرجال ضد النساء، هناك السببية الأخلاقية، ومايقصد بها هو السببية التي يتم من خلالها تحميل مسؤولية العنف ضد المرأة للمرأة نفسها وتتمظهر في سلوكيات معينة مثل التبرير بعدم الانصياع والطاعة و طريقة اللباس والمشي، أو بتفسيرات النزوع نحو قيم التحرر والمساواة... إلخ التي تجد سندها في الخوف من ضرب المركزية الذكورية وخلخلة أدوار الجندر التقليدية. وفي مقابل ذلك لايتم تحميل الرجل مسؤولية العنف – بحسب مخرجات نفس الدراسة – إلا في ثلاث حالات وهي: عنف الرجل نتيجة لبطالته، ثم بالاكتظاظ في المنزل، وفي الأخير بإدمانه الخمر أو المخدرات، وهي ثلاث مبررات أبيسية تحاول ترسيخ تصور "تعاطفي" مع الرجل المُعنِّف، بتصويره كضحية لمـعـطـيات تتم خارج ذاته كفاعل وبعيدة عن سيطرته.دون أن ننسى الأسباب الهوياتية المنتشرة و التي تجد سندها التفسيري في محنة الفحولة أو الرجولة المتخيلة، بحيث بحسب ماسجله الديالمي أن هناك عدد من أفراد العينة قدموا تفسيرا كون المرأة نفسها تبحث عن التعنيف وتتلذذ به، ما يدل على أنها وفقا لهذا الزعم الأبيسي امرأة محبوبة زوجها يغار عليها، وأن رجلها رجل حقيقي كامل الرجولة... إلخ، إنه استنجاد بالمنوال القديم للفحل العربي المتخيل، حيث تنشأ تخيلات للفحولة، ومن أهم ملامحها الدفاع عن "الشرف" والاضطلاع بأدوار القوة والغيرة ...إلخ، لاسيما وأن الدينامية الاجتماعية باتت تحرم المجتمع الذكوري من مداناة هذه النماذج المتخيلة، وفشلت مؤسسات الرجولة الرمزية في الصمود في وجه الديناميكية الاجتماعية.
على سبيل الختم:
يبقى حديثنا عن العنف الجندري في علاقته بالتفسيرات الأبيسية المنتشرة، مؤطرا ومستحضرا لعدد من التوصيات لمجابهته، وذلك على مستويات متعددة أبرزها: تمكين النساء اقتصاديا لأن ذلك سيسمح لهن بالوقوف في وجه العنف الذي يتعرضن له، لأن كثير من النساء ينزوين قانتات لهذا العنف على أنه " حتمية قدرية" فقط لأنهن لا يملكن القدرة على إعالة أنفسهن، ثم تمكين النساء من معرفة جميع أشكال العنف الجندري مهما اختلفت صيغه ،فضلا عن ترسيخ مبدأ المساواة بين الجنسين، وتعزيز صورة المرأة الفاعلة المنتجة عوض المرأة المطيعة المنصاعة أو " العورة " التي يجب حجبها ...إلخ، والمجتمع المغربي اليوم في حاجة إلى نساء مقتنعات بالصورة الأميسية عوضا عن الصورة الأبيسية التي حالت دون انفلاتهن من جملة القوالب النمطية التي ترسخ فكرة وجود النساء لخدمة الاخرين، والتي تحكم الرقابة على أجساد النساء بناء على مرجعية ذكورية، فالتخلص من الصورة الأبيسية وحده كفيل بجعل النساء يتخلصن من توجيه اللوم لأنفسهن والكف عن النظر لذواتهن كضحايا.