سعيد رحيم
المراجعة النقدية
إن مراجعة تقنية لأدبيات هذه الأحزاب اليسارية ستجعلنا نقف على الأخطاء القاتلة المتسببة في ما آلت إليه وفي بروز النقاش والجدل والبوليميك أيضا حول مصير اليسار المغربي.
وتنطلق هذه المراجعة للكشف عن الخط التحريفي للمرجعية المعتمدة في اليسار المشار إليه، والذي ستلتحق به باقي التنظيمات المنشقة عن الأفراد وليس عن التوجه الجوهوي للحزب، والتحاق أخرى خارجة من اليسار الماركسي بعد أن أمضى قادتها سنوات في السرية وفي سجون النظام..
والمنطلق هنا هو كما جاء في التقرير الأيديولوجي للمؤتمر الاستثنائي لحزب الاتحاد الاشتراكي عام 1975 يرتكز على الإعلان "الإشتراكية العلمية" مرجعية للحزب.
وعلى الرغم من وضعه شعار "التحليل الملموس للواقع الملموس" شعارا مركزيا في تعامله مع مستجدات الوضع العام فإن تنافى سبل تطبيق هذا الشعار مع مفهوم "الإشتراكية العلمية" سيزج بهذه الأخيرة "تكتيكيا" في محرقة المؤسسات المنتخبة في ظل دستور وقانون الإستبداد. تحت شعار مركزي آخر سيزيد المحرقة اشتعالا وهو: "تغيير النظام من الداخل"، أي حسب القراءة السياسية: تحقيق الاشتراكية العلمية من داخل المؤسسات المنتخبة. أو كما تردد ذلك فدرالية اليسار (الطليعة والمؤتمر الاتحادي) والحزب الاشتراكي الموحد؛ تحقيق "الملكية البرلمانية" عبر تغيير أو تعديل دستور الاستبداد الممنوح - على حد تعبيرهم - من داخل البرلمان الملكي.
إنها، بقصد أو بغير قصد، أطروحة غارقة في الاستبلاد وفي الغباء السياسي، على اعتبار أنها لن تكون، في أحسن الحالات، سوى أطروحة ليبيرالية ولا علاقة لها بالاشتراكية. ويمكن الجزم أساسا بأنها أطروحة سياسية تحريفية للاشتراكية العلمية وفق المؤسسين لها كارل ماركس وفريدرك أنجلس ووفق المادية الجدلية والمادية التاريخية القائمان على منهح الدياليكتيك. وكذلك وفق التجارب الإشتراكية الرائدة عالميا المناقضة لنظام الرأسمالية وللأنظمة التابعة لها.
ويمكن حصر المنهج التحريفي لليسار الإنتخابي المغربي في كونه يضع فهما مغلوطا للاشتراكية باعتبارها اشتراكية المقاعد النيابية والحكومية وليست اشتراكية في وسائل الإنتاج.
إنه السر الذي يجعل منها مجرد إيديولوجيا للبورجوازية الصغرى وللفئات العليا منها للتسلق الطبقي وخدمة مصالح التحالف الطبقي الحاكم وخدمة الفساد وهو في تصاعد مستمر.
فالإشتراكية العلمية هي أمر مختلف تماما، إلم نقل مختلف جذريا، عمّا يسمى ب"اشتراكية" المقاعد البرلمانية والجماعية، ومختلف وعن الشعار، الذي أكدت التجربة زيفه: "تغيير النظام من الداخل".
ولذلك يمكن القول: إن التحريف الماثل في التوجهات الكبرى للأحزاب اليسارية الإنتخابية قد جعلت من مفهوم "الاشتراكية" علامة تجارية عبر إخراجها من قالبها الأصلي والزج بها، كما سلف، في محرقة مؤسسات الاستبداد والفساد.
وتعني الاشتراكية وفق أصولها المعرفية والتاريخية؛ الاشتراكية في وسائل الإنتاج، وهي موجهة أساسا للطبقات المنتجة على رأسها الطبقة العاملة والفلاحين الفقراء والمستخدمين وموظفي الإدارات العمومية والمكاتب الخاصة ومنتجو المعرفة.. إنها الطبقات المعرضة للاستغلال وللاضطهاد والإقصاء من قبل نظام الرأسمالية وتوابعها من اقتصاديات الريع.
الوعي بالذات
ووفقا لمبادئ الاشتراكية العلمية - غير المحرفة - فإن لهذه الطبقات، من خلال مؤسستها الحزبية والنقابية.. أساسا الحق في تقرير مصيرها والحسم في مشاركتها في المؤسسات والمجالس من عدمها..
وفي المساهمة الفعالة في صياغة الدستور والقوانين التي تضمن تطبيق مبادئ الاشتراكية العلمية، وليست بديلا عنها النخب البورجوازية المعزولة، التي لم تعمل طيلة العقود الماضية سوى على تحويل الإشتراكية، عمليا، إلى علامة تجارية لمصالحها، قبل أن تتمكن الطبقة العاملة والفلاحين الفقراء من تخليصها من البورجوازية التحريفية لكي تتملّك وعيها بذاتها.
الجزء الأول على الرابط أدناه:
https://www.newpress24.ma/html/fr-nouvelles-22-1565-0#z2
سعيد رحيم
المراجعة النقدية
إن مراجعة تقنية لأدبيات هذه الأحزاب اليسارية ستجعلنا نقف على الأخطاء القاتلة المتسببة في ما آلت إليه وفي بروز النقاش والجدل والبوليميك أيضا حول مصير اليسار المغربي.
وتنطلق هذه المراجعة للكشف عن الخط التحريفي للمرجعية المعتمدة في اليسار المشار إليه، والذي ستلتحق به باقي التنظيمات المنشقة عن الأفراد وليس عن التوجه الجوهوي للحزب، والتحاق أخرى خارجة من اليسار الماركسي بعد أن أمضى قادتها سنوات في السرية وفي سجون النظام..
والمنطلق هنا هو كما جاء في التقرير الأيديولوجي للمؤتمر الاستثنائي لحزب الاتحاد الاشتراكي عام 1975 يرتكز على الإعلان "الإشتراكية العلمية" مرجعية للحزب.
وعلى الرغم من وضعه شعار "التحليل الملموس للواقع الملموس" شعارا مركزيا في تعامله مع مستجدات الوضع العام فإن تنافى سبل تطبيق هذا الشعار مع مفهوم "الإشتراكية العلمية" سيزج بهذه الأخيرة "تكتيكيا" في محرقة المؤسسات المنتخبة في ظل دستور وقانون الإستبداد. تحت شعار مركزي آخر سيزيد المحرقة اشتعالا وهو: "تغيير النظام من الداخل"، أي حسب القراءة السياسية: تحقيق الاشتراكية العلمية من داخل المؤسسات المنتخبة. أو كما تردد ذلك فدرالية اليسار (الطليعة والمؤتمر الاتحادي) والحزب الاشتراكي الموحد؛ تحقيق "الملكية البرلمانية" عبر تغيير أو تعديل دستور الاستبداد الممنوح - على حد تعبيرهم - من داخل البرلمان الملكي.
إنها، بقصد أو بغير قصد، أطروحة غارقة في الاستبلاد وفي الغباء السياسي، على اعتبار أنها لن تكون، في أحسن الحالات، سوى أطروحة ليبيرالية ولا علاقة لها بالاشتراكية. ويمكن الجزم أساسا بأنها أطروحة سياسية تحريفية للاشتراكية العلمية وفق المؤسسين لها كارل ماركس وفريدرك أنجلس ووفق المادية الجدلية والمادية التاريخية القائمان على منهح الدياليكتيك. وكذلك وفق التجارب الإشتراكية الرائدة عالميا المناقضة لنظام الرأسمالية وللأنظمة التابعة لها.
ويمكن حصر المنهج التحريفي لليسار الإنتخابي المغربي في كونه يضع فهما مغلوطا للاشتراكية باعتبارها اشتراكية المقاعد النيابية والحكومية وليست اشتراكية في وسائل الإنتاج.
إنه السر الذي يجعل منها مجرد إيديولوجيا للبورجوازية الصغرى وللفئات العليا منها للتسلق الطبقي وخدمة مصالح التحالف الطبقي الحاكم وخدمة الفساد وهو في تصاعد مستمر.
فالإشتراكية العلمية هي أمر مختلف تماما، إلم نقل مختلف جذريا، عمّا يسمى ب"اشتراكية" المقاعد البرلمانية والجماعية، ومختلف وعن الشعار، الذي أكدت التجربة زيفه: "تغيير النظام من الداخل".
ولذلك يمكن القول: إن التحريف الماثل في التوجهات الكبرى للأحزاب اليسارية الإنتخابية قد جعلت من مفهوم "الاشتراكية" علامة تجارية عبر إخراجها من قالبها الأصلي والزج بها، كما سلف، في محرقة مؤسسات الاستبداد والفساد.
وتعني الاشتراكية وفق أصولها المعرفية والتاريخية؛ الاشتراكية في وسائل الإنتاج، وهي موجهة أساسا للطبقات المنتجة على رأسها الطبقة العاملة والفلاحين الفقراء والمستخدمين وموظفي الإدارات العمومية والمكاتب الخاصة ومنتجو المعرفة.. إنها الطبقات المعرضة للاستغلال وللاضطهاد والإقصاء من قبل نظام الرأسمالية وتوابعها من اقتصاديات الريع.
الوعي بالذات
ووفقا لمبادئ الاشتراكية العلمية - غير المحرفة - فإن لهذه الطبقات، من خلال مؤسستها الحزبية والنقابية.. أساسا الحق في تقرير مصيرها والحسم في مشاركتها في المؤسسات والمجالس من عدمها..
وفي المساهمة الفعالة في صياغة الدستور والقوانين التي تضمن تطبيق مبادئ الاشتراكية العلمية، وليست بديلا عنها النخب البورجوازية المعزولة، التي لم تعمل طيلة العقود الماضية سوى على تحويل الإشتراكية، عمليا، إلى علامة تجارية لمصالحها، قبل أن تتمكن الطبقة العاملة والفلاحين الفقراء من تخليصها من البورجوازية التحريفية لكي تتملّك وعيها بذاتها.
الجزء الأول على الرابط أدناه:
https://www.newpress24.ma/html/fr-nouvelles-22-1565-0#z2