مباركة زيراق
(...) كما وقد اعتمدت على المقابلات المعمقة غير الموجهة مع المبحوثاث كجزء من التمشي الكيفي لدراستي، فضلا على اعتماد المجموعات البؤرية( 13 عشر مناقشة بؤرية مع 10 نسوة) إضافة إلى اثني عشر مقابلة معمقة غير موجهة وقد اخترنا النساء للمقابلات من خارج المناقشات البؤرية. وقد كانت هذه الأخيرة مفيدة لمعرفة القيم العرفية السائدة وتصورات المجتمع عن القضايا التي نبحث فيها... في حين كان الهدف من المقابلات هو كشف المزيد عن السلوك الفعلي والمواقف التي قد لا تتطابق مع الأعراف السائدة. وتباينت المشاركات من حيث الحالة الاجتماعية (متزوجة/ غير متزوجة)، ومن حيث مستوى التعليم والمرحلة العمرية وطبيعة الخبرة العملية .
ثالثا: محاولة تفسيرية للفصل والإقصاء الجندري على أساس الجنس.
(التصنيف الجنسي SÉGRÉGATION SEXUELLE )
ربطا بثنائية الذكورة والأنوثة في المغرب، كما في باقي الدول المغاربية والاسلامية، يتشكل الميز ضد الفتاة منذ اليوم الأول لمولدها ،وهناك من الأمثال الشعبية ما يؤكد ذلك ويدعمه، ونفس الأمر يسري على صورة المرأة في الثقافة الشعبية الشفوية، والمقصود بها كل الأشكال التعبيرية المنطوقة والتي تختزنها الذاكرة الشعبية. فليس غريبا أن ترى عددا من الأسر المغربية ترفض مولد الفتاة منطلقين في ذلك من تصورات أبيسية نمطية تحيل على كون الفتاة قد تتسبب "بالعار " للأسرة إذا أخطأت في مرحلة من مراحل حياتها، على اعتبار أنها تحمل شرف الأسرة، مقابل الذكر الذي يحوز حظوظ وفيرة وحريات أكبر. والغريب هو أن هذه التصورات النمطية لا يتم إدراكها كظاهرة مرضية تعاني منها النساء في المجتمعات الأبيسية من حيث هي أداة نسقية في يد الرجل يتحكم من خلالها في حياة النساء وأجسادهن وفي جنسانيتهن – كما هو حال الشرف- الذي يضع سلطة على الجسد النسوي الذي يسجن المرأة في عدد لا حصر له من المحظورات والموانع. ثم مختلف الأساليب التي يعتمدها هذا النظام القمعي سواء على مستوى المؤسسات كما هو الحال في المؤسسة الانجابية الزوجية، أو على هامش المؤسسات المنتمية لأطر الجنسانية المتعوية، أو في مختلف المجالات الأخرى، لكون العنف على أساس الجندر يسكن كل التفاصيل في كل البنى، السفلى والعليا من دون استثناء وقد يتخذ دلالة مادية أو أشكالا رمزية متعددة، و كثيرة هي أشكال العنف الجندري التي لا يشار إليها مثل رفض ولادة الفتاة وتفضيل مولد الفتى، وفرض الحجاب على نساء الأسرة وفرض قواعد صارمة على مستوى اللباس، و التخطيط للزواج من طرف العائلة والزواج المبكر وإخراج الفتاة من المدرسة وإلزام الفتاة بالعذرية، وصمت المجتمع عن .الليلة الأولى للحياة الجنسية للنساء في إطارها الشرعي "ليلة الدخلة" بكل ما تحمله من ضغوطات اجتماعية وأخلاقية قد تكون حبلى بممارسة العنف الذي يرادف " الاغتصاب الزوجي" الذي لا يجد كمفهوم في قاموس مجتمعنا أو في ديباجة المشرع، فضلا عن مظاهر عديدة أخرى من قبيل اللامساواة بين الأخ والأخت في الإرث، وإقصاء النساء من طقوس الدفن في الجنائز...إلخ.
إذن، إن شكل العنف الجندري الذي نقصده ونتحدث عنه هو ذلك العنف الممارس من طرف النظام البطريركي (باسم العادات والقيم والقوانين السائدة) ضد المرأة بسبب نوعيها البيولوجي (الأنوثة) والاجتماعي (الجندر -الدوني). والنوعان متكاملان، حيث يؤسس كل واحد منهما الآخر قصد شرعنة تفوق الرجولة ومن تم الحفاظ على امتيازاتها وسلطها. وكل ذلك بالاستناد إلى أسـس ترتبـط بشـكل وثيـق وصريـح بالجنسـانية، هذه الجنسانية التي تجعل النساء يتعرضن للرفض والإقصاء منذ الولادة، فيطلب منهن علـى مـدار مراحل حياتهن أن يصمتن عن مشـاعرهن ورغباتهن، باعتبارها وصمة ضعف وهشاشــة، وتحذيرهن من اقتحام عوالم تعتبر حكرا على الرجال.
لكن اليوم، ونتيجة للتحولات الاجتماعية المهمة التي حصلت على المستوى العلاقات الاجتماعية وأدت إلى خلخلة أدوار الجندر التقليدية والقيم القديمة المتحكمة في العلاقات بين الجنسين، بات من الضروري في منظورنا اقتحام "العلبة السوداء" للواقع النسوي الذي بات ينفلت من الرقابة الاجتماعية و العائلية .
فالإخضاع والاستبعاد علـى أساس الجنـس هي أساسا ممارسات اجتماعية تتبني أشكالا من العنف الجندري، الذي لم يعد من الممكن تجاهله، لهذا تعمقنا في البحث حول الفصل والإقصاء الجندري على أساس الجنس. "SÉGRÉGATION SEXUELLE" ربطا بثنائية الذكورة والأنوثة محاولين اكتشاف الأساليب التي نهجتها النساء المغربيات لمقاومة الاقصاء والاستبعاد وتقسيم الأعمال في ميادين ? كنوع من ضـروب التنميط الجنـدري.
(يتيع)
مباركة زيراق
(...) كما وقد اعتمدت على المقابلات المعمقة غير الموجهة مع المبحوثاث كجزء من التمشي الكيفي لدراستي، فضلا على اعتماد المجموعات البؤرية( 13 عشر مناقشة بؤرية مع 10 نسوة) إضافة إلى اثني عشر مقابلة معمقة غير موجهة وقد اخترنا النساء للمقابلات من خارج المناقشات البؤرية. وقد كانت هذه الأخيرة مفيدة لمعرفة القيم العرفية السائدة وتصورات المجتمع عن القضايا التي نبحث فيها... في حين كان الهدف من المقابلات هو كشف المزيد عن السلوك الفعلي والمواقف التي قد لا تتطابق مع الأعراف السائدة. وتباينت المشاركات من حيث الحالة الاجتماعية (متزوجة/ غير متزوجة)، ومن حيث مستوى التعليم والمرحلة العمرية وطبيعة الخبرة العملية .
ثالثا: محاولة تفسيرية للفصل والإقصاء الجندري على أساس الجنس.
(التصنيف الجنسي SÉGRÉGATION SEXUELLE )
ربطا بثنائية الذكورة والأنوثة في المغرب، كما في باقي الدول المغاربية والاسلامية، يتشكل الميز ضد الفتاة منذ اليوم الأول لمولدها ،وهناك من الأمثال الشعبية ما يؤكد ذلك ويدعمه، ونفس الأمر يسري على صورة المرأة في الثقافة الشعبية الشفوية، والمقصود بها كل الأشكال التعبيرية المنطوقة والتي تختزنها الذاكرة الشعبية. فليس غريبا أن ترى عددا من الأسر المغربية ترفض مولد الفتاة منطلقين في ذلك من تصورات أبيسية نمطية تحيل على كون الفتاة قد تتسبب "بالعار " للأسرة إذا أخطأت في مرحلة من مراحل حياتها، على اعتبار أنها تحمل شرف الأسرة، مقابل الذكر الذي يحوز حظوظ وفيرة وحريات أكبر. والغريب هو أن هذه التصورات النمطية لا يتم إدراكها كظاهرة مرضية تعاني منها النساء في المجتمعات الأبيسية من حيث هي أداة نسقية في يد الرجل يتحكم من خلالها في حياة النساء وأجسادهن وفي جنسانيتهن – كما هو حال الشرف- الذي يضع سلطة على الجسد النسوي الذي يسجن المرأة في عدد لا حصر له من المحظورات والموانع. ثم مختلف الأساليب التي يعتمدها هذا النظام القمعي سواء على مستوى المؤسسات كما هو الحال في المؤسسة الانجابية الزوجية، أو على هامش المؤسسات المنتمية لأطر الجنسانية المتعوية، أو في مختلف المجالات الأخرى، لكون العنف على أساس الجندر يسكن كل التفاصيل في كل البنى، السفلى والعليا من دون استثناء وقد يتخذ دلالة مادية أو أشكالا رمزية متعددة، و كثيرة هي أشكال العنف الجندري التي لا يشار إليها مثل رفض ولادة الفتاة وتفضيل مولد الفتى، وفرض الحجاب على نساء الأسرة وفرض قواعد صارمة على مستوى اللباس، و التخطيط للزواج من طرف العائلة والزواج المبكر وإخراج الفتاة من المدرسة وإلزام الفتاة بالعذرية، وصمت المجتمع عن .الليلة الأولى للحياة الجنسية للنساء في إطارها الشرعي "ليلة الدخلة" بكل ما تحمله من ضغوطات اجتماعية وأخلاقية قد تكون حبلى بممارسة العنف الذي يرادف " الاغتصاب الزوجي" الذي لا يجد كمفهوم في قاموس مجتمعنا أو في ديباجة المشرع، فضلا عن مظاهر عديدة أخرى من قبيل اللامساواة بين الأخ والأخت في الإرث، وإقصاء النساء من طقوس الدفن في الجنائز...إلخ.
إذن، إن شكل العنف الجندري الذي نقصده ونتحدث عنه هو ذلك العنف الممارس من طرف النظام البطريركي (باسم العادات والقيم والقوانين السائدة) ضد المرأة بسبب نوعيها البيولوجي (الأنوثة) والاجتماعي (الجندر -الدوني). والنوعان متكاملان، حيث يؤسس كل واحد منهما الآخر قصد شرعنة تفوق الرجولة ومن تم الحفاظ على امتيازاتها وسلطها. وكل ذلك بالاستناد إلى أسـس ترتبـط بشـكل وثيـق وصريـح بالجنسـانية، هذه الجنسانية التي تجعل النساء يتعرضن للرفض والإقصاء منذ الولادة، فيطلب منهن علـى مـدار مراحل حياتهن أن يصمتن عن مشـاعرهن ورغباتهن، باعتبارها وصمة ضعف وهشاشــة، وتحذيرهن من اقتحام عوالم تعتبر حكرا على الرجال.
لكن اليوم، ونتيجة للتحولات الاجتماعية المهمة التي حصلت على المستوى العلاقات الاجتماعية وأدت إلى خلخلة أدوار الجندر التقليدية والقيم القديمة المتحكمة في العلاقات بين الجنسين، بات من الضروري في منظورنا اقتحام "العلبة السوداء" للواقع النسوي الذي بات ينفلت من الرقابة الاجتماعية و العائلية .
فالإخضاع والاستبعاد علـى أساس الجنـس هي أساسا ممارسات اجتماعية تتبني أشكالا من العنف الجندري، الذي لم يعد من الممكن تجاهله، لهذا تعمقنا في البحث حول الفصل والإقصاء الجندري على أساس الجنس. "SÉGRÉGATION SEXUELLE" ربطا بثنائية الذكورة والأنوثة محاولين اكتشاف الأساليب التي نهجتها النساء المغربيات لمقاومة الاقصاء والاستبعاد وتقسيم الأعمال في ميادين ? كنوع من ضـروب التنميط الجنـدري.
(يتيع)