كتب: سعيد رحيم*
مهما يكن الاختلاف حول مفهوم الدولة، فإن تقدم الفكر السياسي في العالم، ومن أجل ضمان السير العادي للسلم الاجتماعي، قد استقر، بعد صراع طويل الأمد، على اعتبار الدولة آلية لتنظيم الحياة العامة للبشر في كل بلد على حدة. آلية لا يستقيم اشتغالها إلا بفصل السلط.
وفي البلد الذي يطمح إلى الديمقراطية وضمان إرساء السلم الاجتماعي، لا يمكن للحزب أو للأحزاب، التي تصل إلى السلطة أن تخل باستقلالية مكونات مؤسسات الدولة، إلا من منطلق الانقلاب على الوضع العام. هذا ما أقرته بلدان العقد الاجتماعي وتوافقت عليه.
في القضية المعروضة حاليا على العدالة المغربية وعلى الرأي العام، وفق عناصر جديدة من مشهد الجريمة، التي أودت بحياة الشهيد الطالب الجامعي بنعيسى أيت الجيد، ويحال بموجبها على العدالة القيادي في حزب العدالة والتنمية، حامي الدين؛ هناك ما يستدعي بقوة النظر مجددا إلى علاقة الحزب بالدولة.
علاقة الحزب بالدولة؛ انطلاقا - وبشكل رئيسي - من كون هذا الحزب" العدالة والتنمية" يترأس حاليا، ومنذ سبع سنوات، السلطة التنفيذية في المغرب ويعبر بكل "الوضوح" عن رفضه الامتثال لقرار قضائي، بينما ظل طلية مدتي ولايته على رأس الحكومة بما في ذلك ولايته على وزارة العدل يفاخر بالديمقراطية، التي أوصلته إلى السلطة.
أن يفاخر حزب ما لمدة سبع سنوات، بالديمقراطية، التي أوصلته إلى رئاسة الحكومة وإلى شغل المناصب الرفيعة في جهاز الدولة وفي المجالس المنتخبة ثم يعلن تمرده عليها وعلى أهم مقومات الدولة الديمقراطية، المتمثلة في فصل السلط؛ فإن في الأمر معيب كبير. فإما أن هذا الحزب يضحك على ذقون المغاربة، وربما على العالم أجمع، أو أنه يظهر عكس ما يضمر.
في سابقة من نوعها أطلق عبد الإله بنكيران رئيس الولاية الأولى لحكومة حزبه قولته الشهيرة "لن نسلمكم أخانا"؛ ويقصد بها أخوهم حامي الدين الذي أعاد القضاء فتح ملف تورطه في جريمة قتل مواطن مغربي مناضل في الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، بناء على معطيات ارتأى القضاء على اعتبارها عناصر جديدة قد تفيد في الوصول إلى الحقيقة وإنصاف الضحية وذوي الحقوق. وهذا أمر يهم القضاء ويتحمل فيه كامل مسؤولياته انطلاقا من القانون ومن مبدأ فصل السلط. وقد اعتبرت خرجة بنكيران، آنذاك، مجرد مزايدة انتخابوية وسياسوية تندرج - في أحسن الحالات - في خريف عمره السياسي، ولو لم يكن له ربيعا.
لكن أن يستمر الطعن في استقلالية القضاء من داخل الحزب الماسك برئاسة الحكومة فإن في الأمر دلالات خطيرة، ليس فقط على مستقبل الحكومة بل على مستقبل الحياة السياسية في البلاد وعلى مطمح إقامة مؤسسات تتمتع بالاستقلالية عن النفوذ الحزبي أو المالي لأي جهة، لأن ذلك هو صلب الديمقراطية المنشودة، على الأقل.
حزب العدالة والتنمية بقبوله استمرار عضوية مشتبه به في المشاركته في جريمة قتل وإعلان بعض كبار أعضائه ومسؤوليه مساندتهم لمنفذي اغتيال الشهيد عمر بنجلون، في منتصف سبعينيات القرن الماضي وتمرده حاليا على استقلالية القضاء مؤشرات على أننا فعلا أمام حزب يظهر عكس ما يضمر، حزب التقية، لكي يكون حزبا فوق الدولة وما الدستور والانتخابات بالنسبة إليه سوى مطية..
*المدير المسؤول مدير النشر
كتب: سعيد رحيم*
مهما يكن الاختلاف حول مفهوم الدولة، فإن تقدم الفكر السياسي في العالم، ومن أجل ضمان السير العادي للسلم الاجتماعي، قد استقر، بعد صراع طويل الأمد، على اعتبار الدولة آلية لتنظيم الحياة العامة للبشر في كل بلد على حدة. آلية لا يستقيم اشتغالها إلا بفصل السلط.
وفي البلد الذي يطمح إلى الديمقراطية وضمان إرساء السلم الاجتماعي، لا يمكن للحزب أو للأحزاب، التي تصل إلى السلطة أن تخل باستقلالية مكونات مؤسسات الدولة، إلا من منطلق الانقلاب على الوضع العام. هذا ما أقرته بلدان العقد الاجتماعي وتوافقت عليه.
في القضية المعروضة حاليا على العدالة المغربية وعلى الرأي العام، وفق عناصر جديدة من مشهد الجريمة، التي أودت بحياة الشهيد الطالب الجامعي بنعيسى أيت الجيد، ويحال بموجبها على العدالة القيادي في حزب العدالة والتنمية، حامي الدين؛ هناك ما يستدعي بقوة النظر مجددا إلى علاقة الحزب بالدولة.
علاقة الحزب بالدولة؛ انطلاقا - وبشكل رئيسي - من كون هذا الحزب" العدالة والتنمية" يترأس حاليا، ومنذ سبع سنوات، السلطة التنفيذية في المغرب ويعبر بكل "الوضوح" عن رفضه الامتثال لقرار قضائي، بينما ظل طلية مدتي ولايته على رأس الحكومة بما في ذلك ولايته على وزارة العدل يفاخر بالديمقراطية، التي أوصلته إلى السلطة.
أن يفاخر حزب ما لمدة سبع سنوات، بالديمقراطية، التي أوصلته إلى رئاسة الحكومة وإلى شغل المناصب الرفيعة في جهاز الدولة وفي المجالس المنتخبة ثم يعلن تمرده عليها وعلى أهم مقومات الدولة الديمقراطية، المتمثلة في فصل السلط؛ فإن في الأمر معيب كبير. فإما أن هذا الحزب يضحك على ذقون المغاربة، وربما على العالم أجمع، أو أنه يظهر عكس ما يضمر.
في سابقة من نوعها أطلق عبد الإله بنكيران رئيس الولاية الأولى لحكومة حزبه قولته الشهيرة "لن نسلمكم أخانا"؛ ويقصد بها أخوهم حامي الدين الذي أعاد القضاء فتح ملف تورطه في جريمة قتل مواطن مغربي مناضل في الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، بناء على معطيات ارتأى القضاء على اعتبارها عناصر جديدة قد تفيد في الوصول إلى الحقيقة وإنصاف الضحية وذوي الحقوق. وهذا أمر يهم القضاء ويتحمل فيه كامل مسؤولياته انطلاقا من القانون ومن مبدأ فصل السلط. وقد اعتبرت خرجة بنكيران، آنذاك، مجرد مزايدة انتخابوية وسياسوية تندرج - في أحسن الحالات - في خريف عمره السياسي، ولو لم يكن له ربيعا.
لكن أن يستمر الطعن في استقلالية القضاء من داخل الحزب الماسك برئاسة الحكومة فإن في الأمر دلالات خطيرة، ليس فقط على مستقبل الحكومة بل على مستقبل الحياة السياسية في البلاد وعلى مطمح إقامة مؤسسات تتمتع بالاستقلالية عن النفوذ الحزبي أو المالي لأي جهة، لأن ذلك هو صلب الديمقراطية المنشودة، على الأقل.
حزب العدالة والتنمية بقبوله استمرار عضوية مشتبه به في المشاركته في جريمة قتل وإعلان بعض كبار أعضائه ومسؤوليه مساندتهم لمنفذي اغتيال الشهيد عمر بنجلون، في منتصف سبعينيات القرن الماضي وتمرده حاليا على استقلالية القضاء مؤشرات على أننا فعلا أمام حزب يظهر عكس ما يضمر، حزب التقية، لكي يكون حزبا فوق الدولة وما الدستور والانتخابات بالنسبة إليه سوى مطية..
*المدير المسؤول مدير النشر