الصورة: أحمد بوعسة بعد احترافه في فرنسا بفريق أولمبيك ليون
بقلم: عبد الرحيم التوراني
(إلى يونس الجوماري وعبد المقصود الراشدي)
الطاس وقاتل اللاعب محمد بوعسة وعبد الرحمان اليوسفي
هو يوم تاريخي ولا ريب للحي المحمدي بالدار البيضاء، الحي الذي أنجب فنانين كبارا وأدباء سطع نجمهم عاليا، ومنح المغرب رياضيين بارزين حققوا إنجازات مهمة وطنيا ودوليا.
من الحي المحمدي خرج بوجميع والعربي باطمة وعلال يعلى وعمر السيد، ليطلقوا المجموعة الغنائية الأسطورية ناس الغيوان.
ومنه جاءنا الممثل الكبير محمد مفتاح، والممثل وعازف البندير المرحوم محمد الضمراوي، والممثل محمد بومغرة، وغيرهم ممن اعتمد عليهم الفنان الطيب الصديقي في مشروعه التأسيسي "من أجل مسرح مغربي جديد".
ومن الحي المحمدي جاء الفنان محمود السعدي (الغيوان، جيل جيلالة)، ومحمد السوسدي ومحمد بطمة والشريف لمراني، أعضاء مجموعة لمشاهب، ومحمد اللوز الذي توفي قبل أسابيع، وعمر دخوش الروداني من مؤسسي المجموعة الشعبية تكادة.
ومن الحي المحمدي طلعت مواكب من الشعراء، مثل أحمد الجوماري ومحمد عنيبة الحمري وإدريس الملياني والصغير المسكيني وأحمد هناوي ...
ولست هنا بصدد سرد قائمة كاملة، فقد تولى الأمر آخرون وأصدروا مؤلفات متفاوتة القيمة، بأعلام الحي المحمدي، سواء في المقاومة والسياسة أو في الفن والرياضة وباقي المجالات. ولعل تلك المطبوعات بحاجة اليوم إلى تحيين وتنقيح. (وأتمنى أن يبادر الصديق حسن نرايس ابن الحي بإنجاز مؤلف بالمناسبة).
قد كان لحدث فوز فريق الحي العتيد، الاتحاد الرياضي البيضاوي، المشهور اختصارا بالأحرف الأولى من ترجمة اسمه بالفرنسية ( TAS)، مناسبة لإثارة ذاكرتي، لأستحضر رفاقا لي وأصدقاء انتموا ل"كاريان سانطرال"، وهم كُثْرُ.
وأولهم المرحوم الشاعر أحمد الجوماري عاشق الطاس، وكان والده من مسيري الفريق، وذكرتني بصديق طفولة الجوماري الذي كان ينزل إلى المعاريف فنلتقي به، وأقصد الأستاذ عبد الفتاح السعدي، عم الفنان محمود السعدي. وأستحضر أيضا صديقنا الجمركي أحمد زكي، أو أبو أيوب، الاسم المستعار الذي كان يوقع به كتاباته... كان يكتب الشعر بالفصيح العمودي وبلغة بودلير أيضا.
والأستاذ المرحوم امحمد الدخيسي الذي قطن بالحي زمنا، وأحب أغاني لمشاهب ووطد علاقته بهم منذ البداية مشجعا وناصحا.
ومن ساكنة الحي أيضا المترجم من الاسبانية السبتي محمد العشيري عضو هيئة تحرير مجلة "الثقافة الجديدة" لصاحبها محمد بنيس. والفنان التشكيلي والموسيقي نجيب الشرادي المقيم بهولندا.
الحي المحمدي هو حي الطبقة العاملة وحي الفداء والمقاومة في الفترة الاستعمارية، الذي يلخص المدينة الأولى في المغرب. ولائحة الشهداء من أجل الاستقلال تتعدد بها أسماء شهداء من الحي المحمدي.
ويبقى المعتقل الرهيب "درب مولاي الشريف" في الحي المحمدي ، الذي كان يتم فيه تعذيب المناضلين والمعارضين في عهد الحسن الثاني، من العلامات السوداء الشاهدة على سنوات الجمر.
مع التمنيات بالاستمرار والعطاء للحي ولفريقه المتوج، على أن نشاهد الطاس قريبا ضمن فرق ما يسمى بالصفوة. فقد غاب الفريق طويلا، بعد أن كان من الأندية التي يحسب لها حساب، يكفي التذكير هنا بأن الهدف الذي أهل المغرب لأول مشاركاته في المونديال (1970)، سجله ابن الحي المحمدي، المرحوم محمد بوعسة، المشهور ب: بؤسا، الذي لم يتمكن من الذهاب الى مكسيكو بسبب سقوطه قتيلا على يد مجرم.
ومن سخرية ومكر الأقدار أن يقوم عبد الرحمان اليوسفي أحد مؤسسي الطاس، بتأبين هذا القاتل والترحم عليه في جنازة مهيبة بالمداكرة سنة 1983.ونشرت جريدة الحزب حينها صورته مرفقة بكلمة اليوسفي الذي سماه ب"شهيد الديمقراطية"، وكان الزمن وقت انتخابات بلدية. قبل استدراك الأمر، إذ جاء من يخبر أن القتيل الذي نسب خطأ إلى حزب الاتحاد الاشتراكي،هو قاتل لاعب الطاس والمنتخب محمد بوعسة. وقد قضى سنوات في السجن ثم أطلق سراحه ليقتل هو الآخر في شجار.
وربما أعود لتفاصيل هذه الواقعة.
الصورة: أحمد بوعسة بعد احترافه في فرنسا بفريق أولمبيك ليون
بقلم: عبد الرحيم التوراني
(إلى يونس الجوماري وعبد المقصود الراشدي)
الطاس وقاتل اللاعب محمد بوعسة وعبد الرحمان اليوسفي
هو يوم تاريخي ولا ريب للحي المحمدي بالدار البيضاء، الحي الذي أنجب فنانين كبارا وأدباء سطع نجمهم عاليا، ومنح المغرب رياضيين بارزين حققوا إنجازات مهمة وطنيا ودوليا.
من الحي المحمدي خرج بوجميع والعربي باطمة وعلال يعلى وعمر السيد، ليطلقوا المجموعة الغنائية الأسطورية ناس الغيوان.
ومنه جاءنا الممثل الكبير محمد مفتاح، والممثل وعازف البندير المرحوم محمد الضمراوي، والممثل محمد بومغرة، وغيرهم ممن اعتمد عليهم الفنان الطيب الصديقي في مشروعه التأسيسي "من أجل مسرح مغربي جديد".
ومن الحي المحمدي جاء الفنان محمود السعدي (الغيوان، جيل جيلالة)، ومحمد السوسدي ومحمد بطمة والشريف لمراني، أعضاء مجموعة لمشاهب، ومحمد اللوز الذي توفي قبل أسابيع، وعمر دخوش الروداني من مؤسسي المجموعة الشعبية تكادة.
ومن الحي المحمدي طلعت مواكب من الشعراء، مثل أحمد الجوماري ومحمد عنيبة الحمري وإدريس الملياني والصغير المسكيني وأحمد هناوي ...
ولست هنا بصدد سرد قائمة كاملة، فقد تولى الأمر آخرون وأصدروا مؤلفات متفاوتة القيمة، بأعلام الحي المحمدي، سواء في المقاومة والسياسة أو في الفن والرياضة وباقي المجالات. ولعل تلك المطبوعات بحاجة اليوم إلى تحيين وتنقيح. (وأتمنى أن يبادر الصديق حسن نرايس ابن الحي بإنجاز مؤلف بالمناسبة).
قد كان لحدث فوز فريق الحي العتيد، الاتحاد الرياضي البيضاوي، المشهور اختصارا بالأحرف الأولى من ترجمة اسمه بالفرنسية ( TAS)، مناسبة لإثارة ذاكرتي، لأستحضر رفاقا لي وأصدقاء انتموا ل"كاريان سانطرال"، وهم كُثْرُ.
وأولهم المرحوم الشاعر أحمد الجوماري عاشق الطاس، وكان والده من مسيري الفريق، وذكرتني بصديق طفولة الجوماري الذي كان ينزل إلى المعاريف فنلتقي به، وأقصد الأستاذ عبد الفتاح السعدي، عم الفنان محمود السعدي. وأستحضر أيضا صديقنا الجمركي أحمد زكي، أو أبو أيوب، الاسم المستعار الذي كان يوقع به كتاباته... كان يكتب الشعر بالفصيح العمودي وبلغة بودلير أيضا.
والأستاذ المرحوم امحمد الدخيسي الذي قطن بالحي زمنا، وأحب أغاني لمشاهب ووطد علاقته بهم منذ البداية مشجعا وناصحا.
ومن ساكنة الحي أيضا المترجم من الاسبانية السبتي محمد العشيري عضو هيئة تحرير مجلة "الثقافة الجديدة" لصاحبها محمد بنيس. والفنان التشكيلي والموسيقي نجيب الشرادي المقيم بهولندا.
الحي المحمدي هو حي الطبقة العاملة وحي الفداء والمقاومة في الفترة الاستعمارية، الذي يلخص المدينة الأولى في المغرب. ولائحة الشهداء من أجل الاستقلال تتعدد بها أسماء شهداء من الحي المحمدي.
ويبقى المعتقل الرهيب "درب مولاي الشريف" في الحي المحمدي ، الذي كان يتم فيه تعذيب المناضلين والمعارضين في عهد الحسن الثاني، من العلامات السوداء الشاهدة على سنوات الجمر.
مع التمنيات بالاستمرار والعطاء للحي ولفريقه المتوج، على أن نشاهد الطاس قريبا ضمن فرق ما يسمى بالصفوة. فقد غاب الفريق طويلا، بعد أن كان من الأندية التي يحسب لها حساب، يكفي التذكير هنا بأن الهدف الذي أهل المغرب لأول مشاركاته في المونديال (1970)، سجله ابن الحي المحمدي، المرحوم محمد بوعسة، المشهور ب: بؤسا، الذي لم يتمكن من الذهاب الى مكسيكو بسبب سقوطه قتيلا على يد مجرم.
ومن سخرية ومكر الأقدار أن يقوم عبد الرحمان اليوسفي أحد مؤسسي الطاس، بتأبين هذا القاتل والترحم عليه في جنازة مهيبة بالمداكرة سنة 1983.ونشرت جريدة الحزب حينها صورته مرفقة بكلمة اليوسفي الذي سماه ب"شهيد الديمقراطية"، وكان الزمن وقت انتخابات بلدية. قبل استدراك الأمر، إذ جاء من يخبر أن القتيل الذي نسب خطأ إلى حزب الاتحاد الاشتراكي،هو قاتل لاعب الطاس والمنتخب محمد بوعسة. وقد قضى سنوات في السجن ثم أطلق سراحه ليقتل هو الآخر في شجار.
وربما أعود لتفاصيل هذه الواقعة.